للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة: ١٤٦] . والزبر اسم جنس لجميع الكتب المنزلة.

إن كان قد ثبت بالأدلة التفصيلية ذكر النبي صلى الله عليه وسلم على لسان إبراهيم وكذلك في التوراة والإنجيل، كما ذكرت سابقا، فقد أوردت هذا الباب للدلالة على أن ذكره صلى الله عليه وسلم قد ورد في جميع الكتب المنزلة من الله على أنبيائه عليهم جميعا الصلاة والسلام، بدليل عام وهو قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ [الشعراء: ١٩٦] ، وإن كان هناك خلاف بين المفسرين على من المقصود بالآية، هل هو النبي صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء السابقين، أم القرآن الكريم، فالأمر لا يختلف أبدا، فإن ذكر القرآن يتضمن ذكر من نزل عليه هذا الكتاب العزيز.

قال الإمام ابن كثير- رحمه الله-: (وإنّ ذكر هذا القرآن والتنويه به لموجود في كتب الأولين) «١» وقال الإمام القرطبي- رحمه الله- (أي أنّ ذكر نزوله لفي كتب الأولين يعني الأنبياء، وقيل: أي أن ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في كتب الأولين، والزبر الكتب، والواحد منها زبور) «٢» وقال صاحب المنتخب: (وإن ذكر القرآن والإخبار عنه بأنه من عند الله نزل على محمد صلى الله عليه وسلم لثابت في كتب الأنبياء السابقين) .

٥- أخذ العهد على الأنبياء بنصرته صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران: ٨١] .

قال الإمام الطبري- رحمه الله-: (هذا ميثاق أخذه الله على النبيين، أن يصدق بعضهم بعضا، وأن يبلغوا كتاب الله ورسالاته إلى قومهم، وأخذ عليهم فيما بلّغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوه وينصروه) «٣» وقال صاحب التفسير الميسر:

(واذكر- يا محمد- إذ أخذ الله العهد المؤكد على جميع الأنبياء: لئن آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول من عندي مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، فهل أقررتم واعترفتم بذلك وأخذتم على ذلك عهدي الموثق؟ قالوا: أقررنا بذلك، قال: فليشهد


(١) انظر تفسير ابن كثير (٣/ ٣٤٨) .
(٢) انظر الجامع لأحكام القرآن (١٣/ ١٣٨) .
(٣) انظر تفسير الطبري (٣/ ٣٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>