عن أنس رضي الله عنه قال:(كان غلام يهوديّ يخدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه، فقال له:«أسلم» ، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم فأسلم، فخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول:«الحمد لله الّذي أنقذه من النّار»«١» .
الشّاهد في الحديث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم يذهب بنفسه إلى غلام يهودي، يدعوه إلى الإسلام، وهذا يدل على شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على استنقاذ أمة الدعوة من النار، وحرصه على دخول الناس في دين الله- عز وجل- أفرادا وجماعات.
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من تواضع لا يساميه فيه أحد، فهو مع عظيم منزلته وعلو شأنه وكثير شغله، لا يستنكف أن يعود غلاما يهوديّا غير مسلم، يعمل عنده خادما، أيّ تواضع هذا؟ وأي حب هذا على عمل الخير والمسابقة في مرضاة الله- عز وجل-؟
الفائدة الثّانية:
على المسلمين ألا يستقلوا أي عمل من أعمال الخير، وإن قل في نظرهم، خاصة في مجال الدعوة إلى الله- سبحانه وتعالى- لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرص على زيارة هذا الغلام الخادم اليهودي، ودعاه إلى الإسلام ولم يقل في نفسه كما يقول أمثالنا: (وما عسى أن ينفع الله الإسلام بهذا الغلام إن أسلم) ، أو يقول: هناك أمور كثيرة أعظم من زيارة هذا الغلام ودعوته إلى الإيمان، بل كانت زيارة مباركة طيبة، كان من عظيم بركتها، أن أنقذ الله بها نفسا من النار.
الفائدة الثّالثة:
علي الداعي إلى الله- عز وجل- أن يستغل الظروف والأحوال الملائمة للناس لدعوتهم إلى الله، كالمرض مثلا، والذي يشعر فيه الإنسان بالضعف والحاجة إلى الله- سبحانه وتعالى- ولكن دون أن يظهر الداعي للمدعو أنه يستغل هذا الوقت بالذات لدعوته لأنه ضعيف، فقد يحرج هذا الشعور المريض، ويجعله لا يتقبل الحق، انظر
(١) البخاري، كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، برقم (١٣٥٦) .