للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤخذ منه أيضا قبول خبر الواحد في العقائد والعبادات، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يرسل الرسل اثنين اثنين.

الفائدة الرّابعة:

امتثال الصحابة لأمر الله ورسوله حيث إنهم لما نهوا عن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لغير ضرورة انتهوا عن ذلك مع أن قلوبهم تتشوق للسماع من النبي صلى الله عليه وسلم، ودليله: أنه كان يعجبهم أن يأتي الأعرابي ليسأل، قال أنس رضي الله عنه: (نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع) .

٥- حياؤه صلى الله عليه وسلم:

عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: (كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم أشدّ حياء من العذراء في خدرها، وإذا كره شيئا عرف في وجهه) «١» .

الشّاهد في الحديث:

قول أبي سعيد الخدري: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها) .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم وعلامات شدة هذا الحياء:

١- أنه زاد على حياء العذراء، وهي المرأة التي لم يسبق لها الزواج، ويبدو أن الحياء كان صفة ملازمة للعذراء، وتتأكد هذه الصفة وتزيد إذا دخل عليها أحد هذا الخدر، والخدر كما عرفه الإمام النووي: (ستر يجعل للبكر جنب البيت) «٢» . ولذلك قيد الراوي حياء المرأة بحال كونها في خدرها لتعظيم هذا الحياء، والذي زاد حياء النبي صلى الله عليه وسلم عليه.

٢- أنه إذا سمع شيئا يكرهه ويخدش حياءه، تغير لون وجهه، فعرف أصحابه أنه يكره هذا الشيء.

ويتفرع عليه: علمنا بكمال خلق النبي صلى الله عليه وسلم حيث أعطي كل ذلك الحياء الذي لا يأتي إلا بخير، كما ورد عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: مرّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء، يقول: إنّك لتستحيي حتّى كأنّه يقول: قد أضرّ بك. فقال


(١) البخاري، كتاب: المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (٣٥٦٢) ، مسلم، كتاب: الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم، برقم (٢٣٢٠) .
(٢) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (١٥/ ٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>