للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام ابن حجر- رحمه الله- نقلا عن بعض شيوخ المغرب قولهم: «أحب أن لا تكون هجرته إلا من مال نفسه» «١» .

٢- لم يأخذ صلّى الله عليه وسلّم شيئا من مال سراقة رضي الله عنه، مع أنه هو الذي عرض عليه ذلك، قال سراقة رضي الله عنه: «وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني» كناية عن أنهما لم يأخذا منه شيئا. وروى مسلم في صحيحه قول سراقة: «فإن غنمك ستمر على إبلي وغلماني بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك قال: لا حاجة لي في إبلك» «٢» .

٣- رفضه صلّى الله عليه وسلّم أن يأخذ أرض الغلامين لبناء المسجد إلا بثمنه، ورد في الحديث: «ثم دعا رسول الله الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا: لا، بل نهبه لك يا رسول الله، فأبى رسول الله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجدا» .

الفائدة الرابعة: شجاعته صلّى الله عليه وسلّم:

لقد كان صلّى الله عليه وسلّم لا يلتفت في قراءته وهو يعلم أن أهل مكة يطلبونه ليوقعوا به، قال سراقة رضي الله عنه في الحديث: «سمعت قراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات» وأعتقد أن كثرة التفات أبي بكر رضي الله عنه كانت خوفا على حياة الحبيب صلّى الله عليه وسلّم.

الفائدة الخامسة: حسن تعبده صلّى الله عليه وسلّم لربه:

حيث كان يصلي لربه- تبارك وتعالى- وهو مطلوب من أعدائه، والصلاة في هذا الموقف لهي أدل دليل على افتقار العبد لله، وحسن تضرعه إليه، وطلبه العون والمدد منه سبحانه وتعالى.

الفائدة السادسة: تواضعه صلّى الله عليه وسلّم:

يظهر ذلك في موضعين من الحديث:

الأول: لم يعرف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أهل المدينة من لم يره من قبل، فظن الناس أن أبا بكر هو النبي، ولو كان صلّى الله عليه وسلّم قد ميز نفسه بشيء في اللباس أو المشية أو الدابة لعرفه الناس، ففي الحديث: «جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحسبه أبا بكر» .

الثاني: نقله صلّى الله عليه وسلّم اللبن مع أصحابه لبناء المسجد، ويؤخذ منه أيضا، حبه صلّى الله عليه وسلّم الاستزادة


(١) انظر فتح الباري (٧/ ٢٣٥) .
(٢) أخرجه مسلم، كتاب: الزهد، باب: في حديث الهجرة، ويقال له حديث الرحل، برقم (٢٠٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>