للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

في الشمائل النبوية:

١- جمال وجهه صلى الله عليه وسلم لقول أنس رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون) ، ومعناه الأبيض المستنير، وهي أحسن الألوان، ذكره ابن حجر «١» . وجمال وجهه صلى الله عليه وسلم دلت عليه أحاديث كثيرة، منها ما (رواه البخاري) ، عن أبي إسحاق قال: سئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا بل مثل القمر، كما ورد في حديث الثلاثة الذين خلفوا في الصحيحين: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سرّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر) ، ولم يحرمه الله سبحانه وتعالى، من هذا الجمال في الوجه، حتى يوم موته فعند البخاري من حديث أنس بن مالك: (فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأنه وجهه ورقة مصحف) .

ويتفرع عليه، أن حسن الوجه وجماله، شيء محمود في المرء، يشكر العبد ربّه عليه.

٢- جمال عرقه: لقول أنس: (كأن عرقه اللؤلؤ) ، فهذا وصف جمال شكل العرق فهو كاللؤلؤ في الصفاء والبياض، وورد في حديث الإفك عند البخاري من حديث عائشة «٢» : حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق، والجمان حبات اللؤلؤ، أما عن جمال الرائحة، فيقول أنس: (ولا شممت مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم) . قال ابن حجر: الأول معروف، والثاني طيب معمول من أخلاط يجمعها الزعفران وقيل: هو الزعفران نفسه. انتهى «٣» .

والدليل أن عرقه صلى الله عليه وسلم أطيب وأجمل رائحة من كل أنواع العطر، أن الصحابة كانوا يخلطون عرقه بطيبهم، فقد روى مسلم، عن أم سليم أن النبي كان يأتيها فيقيل عندها فتبسط له نطعا فيقيل عليه وكان كثير العرق، فكانت تجمع عرقه فتجعله في الطيب والقوارير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أم سليم، ما هذا؟» قالت: عرقك أدوف به طيبي. ومعنى أدوف به طيبي، أي أخلطه به، وأظن أنها كانت تفعل ذلك ليزداد الطيب طيبا على طيبه، بخلاف البركة التي تحل به.

وتأمل أخي القارئ كم يصرف أصحاب المناصب والوجاهة من أموال لتكون لهم


(١) انظر فتح الباري (٦/ ٥٧٣) .
(٢) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ ... [النور: ١٢] ، برقم (٤٧٥٠) .
(٣) انظر فتح الباري (٦/ ٥٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>