أ- أنه كان صلى الله عليه وسلم يغضب في المواضع التي تستدعي وجود الغضب، لأن الحكمة هي وضع الأمور في نصابها، فمعالجة كل الأمور باللين ليس من الحكمة، بل هو من الضعف المذموم، ومعالجة كل الأمور بالشدة نتيجة الغضب ليس من الحكمة، بل هو من غلظة القلب المذمومة.
ب- أن غضبه صلى الله عليه وسلم لم يكن كله بنفس القدر، بل يختلف الغضب، وتختلف لهجته صلى الله عليه وسلم في الموعظة، على قدر ما حدث من مخالفات شرعية، وهذا أيضا منتهى الحكمة، قال الراوي:
(فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا منه يومئذ) .
ج- من أجلّ مظاهر حكمته صلى الله عليه وسلم أن هذا الغضب الذي تملكه أثناء الموعظة، لم يخرجه عن المألوف عنه في حسن التوجيه والإرشاد والعدل في الموعظة، ويتبين ذلك من:
أنه صلى الله عليه وسلم لم يسمّ من وقع منه التطويل في الصلاة فقال:«أيها الناس» . كما ورد في إحدى روايات البخاري.
أنه صلى الله عليه وسلم في حال غضبه لم يتهم الناس كلهم بالتنفير، بل قال:«إن منكم منفرين» .
وصفة العدل عند الغضب، يحتاج إليها كثير من الناس، فنجد على سبيل المثال، أنه إذا أخطأ أحد الأبناء في البيت، وجدت الرجل يغير من معاملته لكل أهل البيت، حتى زوجته، ويوجه لهم جميعا العتاب واللوم، وهذا يحدث من بعض المدراء، فقد يقوم بمعاقبة الجميع، ويقول مقولة ظالمة:(الحسنة تخص والسيئة تعم) ، وكل هذا مخالف للسنة النبوية.
د- أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر المشتكي أن يصبر إذا طول الإمام به، مع أن في تطويل الوقوف والركوع والسجود الأجر العظيم، ولا أمره أن يصلي في بيته، بل أمر الإمام ألا يطول، ومظاهر الحكمة في اختيار هذا التوجيه دون غيره:
أنه صلى الله عليه وسلم وازن بين المفاسد المترتبة على صلاة أحدهم في بيته، وما يضيع عليه من أنواع الأجور المختلفة، وبين مصالح تطويل الإمام في الصلاة، فترجح عنده صلى الله عليه وسلم أن عدم تطويل