للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسبك به شاهدا) ، وقال رحمه الله: (أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الدين كله) «١» .

[بعض فوائد الآية الكريمة:]

[الفائدة الأولى:]

أظهرت الآية بجلاء حب الله سبحانه وتعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم حيث بينت الآية كفاية الله له صلّى الله عليه وسلّم من كل وجه يتبين ذلك من:

١- ثناء الله- تبارك وتعالى- البالغ على ما أرسل به النبي صلّى الله عليه وسلّم فلا يضره بعد ذلك ذم القادحين ولا يزيده مدح المادحين، فالحمد لله الذي كفى نبيه شر الصنف الأول، وأغناه عن الصنف الثاني. قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ، أي بالعلم النافع والعمل الصالح فإن الشريعة تشتمل على شيئين علم وعمل، فالعلم الشرعي صحيح والعمل الشرعي مقبول فإخباراتها حق وإنشاآتها عدل) «٢» .

٢- كفاه الله- سبحانه وتعالى- همّ ظهور هذا الدين: هل سيظهر هذا أم لا؟ هل سيعلو على كل الأديان أم لا؟ فطمأنه الله- تبارك وتعالى- وكفاه حمل هذا العبء الثقيل، بأن وعده أنه سيمكن له دينه صلّى الله عليه وسلّم غاية التمكين، فو الله لو خذل الناس جميعا النبي صلّى الله عليه وسلّم فسيظهر هذا الدين لأن الذي تكفل بذلك هو الله- عز وجل- ألم تسمع لقوله تعالى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ.

٣- كفاه الله- سبحانه وتعالى- شهادة كل أحد من الخلق على صدق نبوته وإظهار دينه، قال تعالى: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً، قال الإمام الطبري رحمه الله ما نصه: (أشهدك يا محمد ربك على نفسه أنه سيظهر الدين الذي بعثك به وحسبك به شهيدا) «٣» . وقال صاحب تفسير الزبد: (وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً على إظهار الدين الذي وعد المسلمين به وعلى صحة نبوة نبيه صلّى الله عليه وسلّم) ، وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: (وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً على أنه رسوله وهو ناصره) «٤» .

الفائدة الثّانية:

من شكك في نصرة الله- سبحانه وتعالى- نبيه وصحة نبوته صلّى الله عليه وسلّم أو شكك في أن ما جاء به صلّى الله عليه وسلّم هو الحق والهدى، فقد طعن في شهادة الله- سبحانه وتعالى-.

الفائدة الثّالثة:

في الآية الكريمة أبلغ التسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه وأتباعه إلى يوم القيامة، بأن الغلبة في نهاية الأمر لدين الله- تبارك وتعالى-. قال الإمام الطبري رحمه الله:


(١) تفسير الطبري (٢٦/ ١٠٩) .
(٢) تفسير القرآن العظيم (٤/ ٢٠٤) .
(٣) تفسير الطبري (٢٦/ ١٠٩) .
(٤) تفسير القرآن العظيم (٤/ ٢٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>