شفقته صلّى الله عليه وسلّم ورحمته بالأمة، حيث نهى الأمة عن وصال الصيام، مع أنه كان يواصل، قال الراوي:(نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الوصال) .
[الفائدة الثالثة:]
اختصاصه صلّى الله عليه وسلّم دون البشر- بأمور تبين فضله وتزيد شرفه، ودليله قوله صلّى الله عليه وسلّم:«أيكم مثلي» ، فنفى أن يكون أحد من الصحابة مثله، ووضح صلّى الله عليه وسلّم وجه عدم المثلية، وهو أنه صلّى الله عليه وسلّم يبيت يطعمه ربه ويسقيه، وذكر الإمام النووي في شرح الحديث رأيين لأهل العلم:
أ- أن الله يجعل فيه قوة الطاعم والشارب ورجح الإمام النووي هذا الرأي، وحجته في ذلك أنه إذا أكل حقيقة لم يكن مواصلا.
ب- أنه صلّى الله عليه وسلّم يطعم من طعام الجنة كرامة له.
أقول: إن الرأي الثاني- غير مستبعد- لأنه لا يلزم من أكله من طعام أهل الجنة منافاة الصيام، لعدم علمنا بطبيعة هذا الأكل وكيفيته، ولا داعي أن نعدل عن ظاهر الحديث.
وأي من الرأيين كان صحيحا، فإننا نعتقد أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يطعمه ربه ويسقيه، وهي كرامة عظيمة له صلّى الله عليه وسلّم.
وأود أن أوضح هنا أن عدم مثلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه لا تقتصر على هذه المسألة، ولكن ثبتت عدم المثلية في أمور كثيرة، ذكرتها في مواضع مختلفة من هذا الكتاب.
[الفائدة الرابعة:]
حرص الصحابة رضي الله عنهم على متابعة النبي صلّى الله عليه وسلّم في كل أمر من أموره، حتى الأمور التي فيها مشقة ظاهرة، حيث إنهم أبوا أن ينتهوا عن الوصال، مع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بين لهم سبب قدرته على الوصال، ففي الحديث:(فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما) .
[الفائدة الخامسة:]
حرص النبي صلّى الله عليه وسلّم على تربية أصحابه رضى الله عنهم، لأنهم لما أبوا الانتهاء عن وصال الصيام، واصل بهم يومين، ولولا رؤية هلال شوال لواصل بهم اليوم الثالث تعزيرا لهم، وليعلموا أنه لا طاقة لهم بالوصال مثله صلّى الله عليه وسلّم، ويؤخذ منه اتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم للتربية العملية إذا لم تجد التربية القولية، بل قد يصل الأمر إلى حد التعزير بغرض التعليم، إذ ورد في الحديث «كالمنكل بهم» .
٢٥- زوّجه ربّه من فوق سبع سماوات:
عن أنس قال: (لمّا انقضت عدّة زينب قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لزيد: «فاذكرها عليّ» . قال: