كل هذا التطويل، ولم يجلس النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة، لأنه لو جلس لأخبرنا راوي الحديث، حذيفة رضي الله عنه.
٢- قراءته صلى الله عليه وسلم القرآن بخشوع وتدبر للمعاني، أما الخشوع، فدليله:(يقرأ مترسلا) ، وأما تدبر المعاني (إذا مر باية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ) .
يتفرع على ذلك: قلة نفع الصلاة التي يقرأ فيها الإمام بسرعة (دون تدبر وخشوع) وكذا تكون كل حركات الصلاة من ركوع ورفع وسجود، ويكون كل همّ الإمام أن يختم القرآن في صلاة التراويح خلال شهر رمضان المبارك، ولو أنه تأنى وصلى ولو بنصف القرآن أو ربعه في الشهر، بتدبر وخشوع وطمأنينة، كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكان متبعا للهدي والسنة ومحصلا للخير والبركة، فليس الشأن كثرة القراءة، ولكن الشأن خشوع القلب وتدبر الآيات، وكثرة التسبيح، واستحضار عظمة المولى- سبحانه وتعالى- أثناء الصلاة والقرب منه، والحكم على تحصيل هذه الأمور، ألا ترى أنه يستوي إيماننا قبل دخول الصلاة وبعد الخروج منها؟.
ويتفرع على ذلك أيضا، خطأ بل سوء أدب، من يحب أن يستمع للقرآن كحبه للاستماع إلى الطرب، بتمايل عند سماعه من حسن صوت القارئ، وينشغل عن تدبر القرآن بعبارات المدح والاستحسان لصوت القارئ، فأين هو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم في تدبر القرآن، وينطبق هذا الكلام على من يكون كل همه في رمضان أن يذهب ليصلي خلف الأئمة المعروفين بحسن أصواتهم، دون الاهتمام بأي أمر آخر، كاتباع الإمام للسنة أو خشوعه في الصلاة والاطمئنان فيها.
[الفائدة الثانية:]
وهي متفرقات في حديث الباب:
١- جواز أن يشق الإنسان على نفسه في العبادة، ولو أضر بدنه، شريطة ألايدخل على الإنسان الملل، أو تأخذه سنة أو نوم أثناء الصلاة، لما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
دخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين السّاريتين، فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«لا، حلّوه؛ ليصلّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد»«١» .
(١) البخاري، كتاب: الجمعة، باب: ما يكره من التشديد في العبادة، برقم (١١٥٠) واللفظ له، ومسلم كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: أمر من نعس في صلاته ... ، برقم (٧٨٤) .