للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوجعه صلّى الله عليه وسلّم، ورد في الحديث عند البخاري قول عائشة. رضي الله عنها.: (ثقل النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فقال: «أصلّى الناس؟» قلت: لا، هم ينتظرونك. قال: «ضعوا لي ماء في المخضب» .

قالت: ففعلنا فاغتسل فذهب لينوء. أي ينهض بتكلف. فأغمي عليه، ثم أفاق فقال صلّى الله عليه وسلّم:

«أصلّى الناس؟» وتكرر ذلك ثلاث مرات، وذلك من شدة حرصه صلّى الله عليه وسلّم على صلاة الجماعة.

بل إنه صلّى الله عليه وسلّم في أول مرض الموت خرج إلى الصلاة يترنح من شدة وجعه بين رجلين حتى أجلس إلى جوار أبي بكر وهو يصلي بالناس. ورد في البخاري: «ثمّ إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وجد من نفسه خفّة فخرج بين رجلين، أحدهما العبّاس لصلاة الظّهر، وأبو بكر يصلّي بالنّاس، فلمّا رآه أبو بكر ذهب ليتأخّر فأومأ إليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأن لا يتأخّر قال: أجلساني إلى جنبه. فأجلساه إلى جنب أبي بكر» «١» .

ويؤخذ من الحديث أيضا حب الصحابة. رضي الله عنهم. للنبي صلّى الله عليه وسلّم وحرصهم البالغ على رؤيته والصلاة خلفه؛ لأن ظاهر الحديث يدل على أنهم انتظروه طويلا صلّى الله عليه وسلّم.

[الفائدة الثانية عشرة:]

حب الصحابة. رضي الله عنهم. للنبي صلّى الله عليه وسلّم وبكاؤهم على فراقه وتجدد حزنهم على تذكّر أيامه، روى البخاري في صحيحه: «عن سعيد بن جبير سمع ابن عبّاس. رضي الله عنهما.

يقول: يوم الخميس، وما يوم الخميس؟ ثمّ بكى حتّى بلّ دمعه الحصى قلت: يا ابن عبّاس ما يوم الخميس؟ قال: اشتدّ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعه فقال: ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا» «٢» .

قال الإمام ابن حجر. رحمه الله.: «وبكاء ابن عباس يحتمل لكونه تذكر وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فتجدد له الحزن عليه، ويحتمل أن يكون انضاف إلى ذلك ما فات في معتقده من الخير الذي كان يحصل لو كتب ذلك الكتاب» «٣» .

وانظر إلى قول عائشة. رضي الله عنها.: «فلا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد النبي صلى الله عليه وسلّم» «٤» .


(١) رواه البخاري، كتاب: الأذان، باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (٦٨٧) .
(٢) رواه البخاري، كتاب: الجزية، باب: إخراج اليهود من جزيرة العرب، برقم (٣١٦٨) ، ومسلم، كتاب: الوصية، باب: الوصية لمن ليس له شيء يوصى فيه، برقم (١٦٣٧) .
(٣) انظر فتح البارى (٨/ ١٣٢) .
(٤) رواه البخاري، كتاب: المغازي، باب: مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم ووفاته، برقم (٤٤٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>