أ- عدم قدرته على إتمام الصلاة، إماما في الوقت الذي يكون فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم مأموما، مع أن الصلاة قد بدأت والنبي صلّى الله عليه وسلّم هو الذي أمره بمواصلة الصلاة على تلك الهيئة، وهذا منتهى الأدب، وغاية الإجلال للنبي صلّى الله عليه وسلّم وما كان هذا هو دأب أبي بكر رضي الله عنه وحده ولكن كان دأب كل الصحابة رضي الله عنهم، فقد بلغ تعظيمهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم أنهم ظنوا أنه لا ينبغي لأحد أبدا أن يسمى ابنه باسم محمد، فعن جابر بن عبد الله قال: ولد لرجل منّا غلام فسمّاه محمّدا.
فقال له قومه: لا ندعك تسمّي باسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فانطلق بابنه حامله على ظهره، فأتى به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، ولد لي غلام فسمّيته محمّدا، فقال لي قومي: لا ندعك تسمّي باسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«تسمّوا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي، فإنّما أنا قاسم أقسم بينكم»«١» .
فالتعظيم قد انسحب إلى كل شيء، حتى شمل الاسم، وأعتقد أن الصحابة قد أنكروا على الرجل التسمية باسم (محمد) مخافة أن يوجه الرجل لابنه أي سب أو إهانة، فتقع الإهانة على اسم (محمد) وهو نفس اسم الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
ب- استشعار أبي بكر أن أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بإتمام الصلاة على تلك الهيئة لهي من النعم العظيمة عليه، توجب حمد الله على الفور لا التراخي، فاضطر على مرأى من أهل المسجد، أن يرفع يديه بالحمد ولا ينتظر الفراغ من الصلاة أو الركوع والسجود، ونلمس فيه كيف كانت تربية النبي صلّى الله عليه وسلّم لهذه الأمة.
ج- تواضعه الجم، مع النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث ذكر نفسه باسمه، لا بكنيته مع أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ناداه بكنيته، لأن المقام، يقتضي التواضع، وبيان من الفاضل ومن المفضول، فقال:(ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) . وتدبر أنه لم يقل:(بين يديك) وذلك رغبة منه في بيان التفاضل غاية البيان.
[الفائدة الرابعة:]
حرص النبي صلّى الله عليه وسلّم على تعليم الأمة، وبيان ما تحتاج إليه، حيث سأل أبا بكر رضي الله عنه عن سبب عدم امتثال الأمر، ليعلمه الصواب إذا استدعى الأمر، كما وجّه الصحابة لما وقعوا فيه من محظور يتمثل في كثرة التصفيق، وبين لهم الصواب في المسألة، فالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء.
وأعتقد أن قوله صلّى الله عليه وسلّم:«إنما التصفيق للنساء» ، ليس بحجة لمن يمنع الرجال من التصفيق