للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبلغوا» «١» ، وما زال النبي صلى الله عليه وسلم وإخوانه من الأنبياء، يدعون الله لأنفسهم بدخول الجنة والنجاة من النار، وهم الذين يعلمون مكانتهم عند الله، ولكنه التزام الأدب، وإعلان كامل الافتقار لله عز وجل.

[الفائدة الثالثة:]

إعلام النبي صلى الله عليه وسلم ببعض أمور الغيب، كان سببا في زيادة إيمان الصحابة رضي الله عنهم، حيث قال الصحابي لما عاين وتحقق مما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق الرجل الذي قتل نفسه، (أشهد أنك رسول الله) ، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحابي إنما قال تلك المقولة بسبب زيادة إيمانه بما رأى من معجزاته.

[الفائدة الرابعة:]

يتفرع على ما سبق، أن على المؤمن أن ينظر ويتأمل ويتدبر، في المعجزات التي وردت في السنة الصحيحة باختلاف أنواعها؛ لأنها من أسباب تقوية إيمان العبد، وقد يكون هذا الجانب من أسباب قوة يقين الصحابة أكثر من غيرهم؛ لأن من رأى ليس كمن سمع.

[الفائدة الخامسة:]

على المؤمن أن يعمل على تقوية إيمانه، ويجعله عملا بعد علم، وأن يقره في قلبه بعد أن استقر في عقله، ويعود نفسه وجسمه على تحمل الصعاب، ويبتعد عن الترف الزائد، ولو لفترات من حياته، وعليه ألا يهتم بالظاهر دون الباطن، تعويدا لنفسه لما قد يلاقيه من محن وابتلاآت من الله عز وجل، ويحرص أن تأتي هذه المحن على قلب ثابت راسخ عامر بالإيمان؛ لأن هذا الرجل الذي ذكر في حديث الباب، قد استعجل الموت وقتل نفسه لمجرد أنه ابتلي، فكان من أهل النار، قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ [الحج: ١١] ، فذم الله تبارك وتعالى هذا الصنف من الناس، الذي يرتد على عقبيه مع نزول الفتنة، وبينت الآية عاقبته في الدنيا والآخرة، وما ذلك إلا أنه ضعفت عبادته فضعف إيمانه، ومن ضعف إيمانه، كان حاله كمن يقف على شفير، مع أول هزة يهوي في الهاوية، وهذا درس لنا جميعا أن العبادة لها عامل عظيم في تربية النفس، فكلما كانت خالصة لوجه الله تبارك وتعالى، لا يريد بها ثناء الناس، ولا وجاهة الدنيا، مع موافقة تلك العبادة لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، أدّت تلك العبادة إلى تقوية الإيمان في القلوب.

[الفائدة السادسة:]

هل من علامات يعرفها العبد من نفسه يستدل بها على ثباته إذا تعرض للفتنة؟


(١) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب: القصد والمداومة على العمل، برقم (٦٤٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>