أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى في السماء سحابة فيها رعد وبرق، تغير وجهه من الخوف، خشية أن يكون فيها عذاب من الله من جنس ما أصاب قوم عاد، لأنهم لما رأوا السحاب في السماء ظنوه سيأتي بالمطر والرحمة، فإذا هي ريح فيها عذاب أليم، قال تعالى: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ [الأحقاف: ٢٤] .
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
على المسلم أن يكون دائما على خوف من آيات الله، التي قد تأتي بالعذاب، وعليه ألا يألف تلك الآيات، فيذهب عنه الخوف إذا ما تكررت، لأن عائشة رضي الله عنها أعلمتنا، أن النبي صلى الله عليه وسلم كلما رأى السحاب تغير وجهه، قالت:(وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر) .
ويتفرع على ذلك:
خطأ من يطلق على السحاب والريح، والخسوف والكسوف، والزلازل والبراكين، ظواهر طبيعية، يريد بذلك أن يذهب من قلوب الناس الخوف من الله إذا رأوا تلك الآيات، وألا يجعلهم يتوبون إلى الله ويستغفرونه كلما رأوها. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يخاف إذا رأى تلك الآيات، لدرجة أن الخوف يظهر على وجهه، وعلى حركاته التي لا تهدأ، كالمضطرب الوجل، وإذا ذهبت ظهر ذلك أيضا على وجهه، قالت عائشة:(فإذا أمطرت سرى عنه) .
[الفائدة الثانية:]
وجوب التضرع والابتهال إلى الله- سبحانه وتعالى- إذا رأى المسلم آية قد يكون فيها عذاب، قالت عائشة: (إذا عصفت قال: «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت إليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به» .
ويتفرع على ذلك:
١- عجيب قدرة الله- سبحانه وتعالى- إذ خلق آيات قد تأتي بالخير تارة، وبالشر تارة، ولا يكون ذلك إلا بأمره- سبحانه وتعالى- وبمقتضى الحكمة البالغة، فانظر إلى الريح، التي قد تأتي بالخير، قال تعالى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ [فاطر: ٩] ، وقد تأتي بالشر، قال تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا