عائشة رضي الله عنها، المرأة التي لم يتزوج النبي صلّى الله عليه وسلّم بكرا غيرها، التي قالت عنها أمها في حديث الإفك: إنها وضيئة، والتي كانت تصغر النبي صلّى الله عليه وسلّم، بخمس وأربعين سنة، تقول للتقليل من شأنها بجوار شأن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولتعظيم شأنه بجوار شأنها:(ومالي لا يغار مثلي على مثلك) .
ولتأخذ المرأة المسلمة العبرة والدرس من أم المؤمنين في معاملتها الزوجية، فلا تعالي ولا ترفّع على الزوج، بل الإقرار له بحقه ومكانته والتواضع معه، وعلى المرأة أن تعلم أن هذا الإقرار لن يحط من شأنها، بل يرفع من قدرها عند زوجها، وقبل ذلك فإنها تنال رضا خالقها ومولاها.
٥- مجاهدة النبي صلّى الله عليه وسلّم، لشيطانه حتى أسلم، ونستدل على أن تلك المجاهدة قد حدثت، من قولهه:«أعانني عليه» ، وجعل غاية إعانة الله أن الشيطان قد أسلم، قال «حتى أسلم» .
٦- إقراره صلّى الله عليه وسلّم بالضعف والعبودية، في جنب الله- عز وجل-، وإعلان حاجته الدائمة له، وذلك من قوله:«ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم» ، وفيه أيضا تعليم للأمة وإرشاد لها، أنه لا يطلب العون إلا من الله- سبحانه وتعالى- وأنه لا ينبغي للعبد أن يعتمد على ما عنده من إيمان وفضل، وليعلم كل أحد أن الاستعانة بغير الله، فيما لا يقدر عليه إلا الله، كفر يخرج من ملة الإسلام.
[الفائدة الثانية:]
في فضل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
١- ظهور حبها الشديد للنبي صلّى الله عليه وسلّم، حتى أنها تقلق وتتحير، عند ما تفتقده ليلا، مع تواضعها الجم، في قولها:(ومالي لا يغار مثلي على مثلك) .
٢- فقهها وطلبها للعلم، وانشغالها بالأهم من الأمور عن المهم، يؤخذ ذلك من تركها لموضوع الغيرة تماما، وانشغالها بالسؤال عن الشيطان، وهل مع كل إنسان شيطان، وهل مع النبي صلّى الله عليه وسلّم مثله، وكل ذلك الاستقصاء والاستفصال منها، زادنا علما وفقها في أمور الدين، فجزاها الله عنا خيرا، وهكذا يجب أن تكون المرأة المسلمة، من الاهتمام بالأمور الشرعية، وترك المهم للسؤال عن الأهم، خاصة إذا تعلق بأمور دينها.
٣- ومن فقهها أيضا، أنها لم تستح من الحق، وسألت النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الشيطان فقالت: