الدرجة العالية الرفيعة في الجنة، التي لا يكون لغيره مثلها أبدا، مع إكرام أصحابه وأتباعه بإدخالهم الجنة، والتفضل عليهم بكل أنواع النعم. ومن تمام النصر في الآخرة، إدخال أعدائه النار وتعذيبهم وألايكون لهم أدنى ذكر حسن في الآخرة، بل الذم كل الذم، والتبكيت والتشفي، بل الندم والحسرة أن لو كانوا اتبعوه صلّى الله عليه وسلّم، وصدقوه، قال تعالى:
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا [الفرقان: ٢٧] ، فسبحان الذي جعل الظالم يذكر أن سبب حسرته وندمه هو عدم اتباع الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
[الفائدة الثالثة:]
أن النصر بيد الله، - عز وجل-، وحده وهو يأتي من السماء، وإذا كان النصر من عنده وحده، فيجب على المسلمين ألايطلبوا العون والنصر إلا منه- سبحانه وتعالى- وألا يتوكلوا إلا عليه، وأن يتيقنوا أن أحدا لا يقدر على رد نصر الله لهم، قال تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [آل عمران: ١٦٠] .
[الفائدة الرابعة:]
على المسلمين ألا يبأسوا من نصر الله لهم في الدنيا، فهذا واقع لا محالة، لأن الآية وعدت بنصر النبي صلّى الله عليه وسلّم في الدنيا، أي كل زمن الدنيا لعدم ورود التقييد في الآية، ومن لوازم نصر الله- سبحانه وتعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم أن ينصر دينه وكتابه وأتباعه، شريطة أن نعود إلى الله- عز وجل- وأن نتمسك بالعروة الوثقى، وأن نتبع سنة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم. وقد أثبت القرآن الكريم أن الله ناصر رسله والذين آمنوا في الدارين، قال تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ [غافر: ٥١] .
٥- أثبتت الآية غيظ الكفار من نصرة الله لنبيه صلّى الله عليه وسلّم ولكتابه ولدينه، وأنهم حريصون كل الحرص على أن يطفئوا نور هذا الدين، ويفضّوا الناس من حول بكل أنواع المكائد الممكنة.