تلطف جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم لقوله:«ثم أخذ بيدي يعرج بي إلى السماء الدنيا» وكيف لا يتلطف وهو أعلم الخلق بقدر النبي صلى الله عليه وسلم ومقامه.
[الفائدة الثالثة:]
السماء الدنيا غير السماء الأولى، التي عليها خازن ولا تفتح أبوابها إلا بإذن، وفيها آدم عليه السلام، وأما السماء الدنيا، فهي التي زينها الله عز وجل بالمصابيح، قال تعالى: وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً [فصلت: ١٢] . وذلك لقوله:
«فيعرج بي إلى السماء الدنيا فلما جئت إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء: افتح» ثم قال: «فلما فتح علونا السماء الدنيا» .
[الفائدة الرابعة:]
عظيم أمر السماء قدرا وخلقا، ويتبين عظيم قدرها حيث جعل الله لها أبوابا مغلقة، وعلى كل باب خازن لا يفتح الباب حتى يعلم من الطارق ومن معه، وهل أرسل إليه أم لا، فالخازن مأمور ألايفتح إلا لمن أرسل إليه، والذي يخبره أنه أرسل إليه أم لا، هو جبريل عليه السلام لأنه الأمين، علمنا ذلك من قوله:«قال جبريل لخازن السماء:
افتح» وقد تكرر ذلك في كل سماء، حسب ما ورد في طرق أخرى صحيحة للحديث.
أما عظم السماء خلقا، فبينتها بعض طرق الحديث، وفيها أن ما بين كل سماء وأخرى خمسمائة عام، وعلمنا من عظم السماء قدرا وخلقا عظم خالقها سبحانه وتعالى، فعظم الخلق- كما قلت سابقا- يدل على عظم الخالق، لا أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نتفكر في هذا الخلق العظيم، خاصة السموات والأرض، لنستدل به على قدرة المولى سبحانه وتعالى، وعظيم صنعه، وإحكام خلقه، قال تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ [آل عمران: ١٩٠] .
[الفائدة الخامسة:]
واجب على كل مسلم، أن يفرح بالطاعة ويحزن بالمعصية، خاصة إذا كانت في نفسه أو ذريته، يدل على ذلك قوله:«فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل يساره بكى» .
[الفائدة السادسة:]
العجيب في الواقعة، أن آدم وبقية الأنبياء استقبلوا النبي صلى الله عليه وسلم، استقبال من يعرفه، فيحتمل أن الأنبياء عرفوه من أوصافه المذكورة في كتبهم، أو أن هذا المكان لا يصعد إليه إلا نبي، وليس نبي بعد إلا محمد، أو أن الله أوحى إليهم بقدومه صلى الله عليه وسلم، ليستقبلوه استقبالا يليق به، وهذا الذي حدث، فما من نبي رآه إلا قال له: مرحبا بالنبي