جاء به وصدقه، أشار صلى الله عليه وسلم إلى القمر بإذن الله تعالى فانشق فلقتين، فلق على جبل أبي قبيس، وفلق على جبل قيقعان، والمشركون وغيرهم يشاهدون هذه الآية الكبرى الكائنة في العالم العلوي، التي لا يقدر الخلق على التمويه بها أو التخييل، فشاهدوا أمرا ما رأوا مثله، بل ولم يسمعوا أنه جرى لأحد من المرسلين قبله نظيره، فانبهروا لذلك، ولكن لم يدخل الإيمان في قلوبهم، ففزعوا إلى بهتهم وطغيانهم، وقالوا: سحرنا محمد، ولكن علامة ذلك أنكم تسألون من قدم إليكم من السفر، فإنه من قدر على سحركم، لا يقدر أن يسحر من ليس مشاهدا مثلكم، فسألوا كل من قدم، فأخبرهم بوقوع ذلك) «١» .
٣- هذه المعجزة هي المعجزة الحسية الوحيدة- فيما نعلم- القائمة بأمر الله إلى الآن، ذلك أن علماء الفلك في عصرنا هذا قد ضبطوا أثر الانشقاق في جسم القمر؛ لأن القمر بعد الانشقاق لم يلتئم تماما، فقد ترك الانشقاق أثرا فيه كالشرخ، والذي أفادنا بذلك هو أحد علماء الفلك الأمريكيين الذي أعلن إسلامه بعد رؤيته لهذا الأثر في جسم القمر وقد أسس هذا العالم جميعة للدعوة إلى الإسلام، وأقول: إن الله عز وجل أراد أن تبقى هذه المعجزة ظاهرة للعيان أبد الدهر، ولو شاء الله لالتأم القمر تماما بعد الانشقاق.
٤- أثبت القرآن الكريم تلك المعجزة الحسية للنبي صلى الله عليه وسلم دون بقية المعجزات.
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
تتجلى في هذه المعجزة العظيمة قدرة الله سبحانه وتعالى، وليس هذا بعجيب، فالله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وكل شيء في قدرته سواء، فليس في قدرته أصعب ولا أسهل، فكل ما يريده يكون بكلمة كن، قال تعالى: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس: ٨٢] ، ثم إن القمر خلق من خلقه يفعل فيه وبه ما يشاء وقتما شاء.
[الفائدة الثانية:]
حب الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وإرادته سبحانه وتعالى إعلاء شأنه ودينه على كل من عاداه وتحداه، ولذلك أيده بمعجزة عظيمة مثل انشقاق القمر، ما سمعنا أنها كانت لأحد من الأنبياء من قبله عليهم جميعا الصلاة والسلام.
[الفائدة الثالثة:]
نجزم قطعا أن آية انشقاق القمر قد حدثت فعلا في مكة زمن