للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم أمرنا برد المختلف فيه إلى الكتاب والسنة أي إلى العلماء.

[الفائدة الخامسة:]

اختلف الصحابة رضي الله عنهم في فهم أقوال النبي صلى الله عليه وسلم المطلق منها والمقيد، والعام والخاص، وهو اختلاف يرجع إلى تفاوتهم رضي الله عنهم في الفهم والفقه، فطائفة فهمت أن أوامر الله ورسوله بوجوب طاعة ولي الأمر، تشمل كل ما يأمر به سواء في طاعة أو معصية، وطائفة فهمت أن الأمر بطاعة الأمير لا يفهم منه العموم، فلا طاعة له في معصية، والنبي صلى الله عليه وسلم خطّأ الطائفة الأولى بقوله صلى الله عليه وسلم: «لو دخلوها ما خرجوا منها» . وصوّب الطائفة الثانية لقول الراوي: (وقال للآخرين قولا حسنا) .

قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله-: «وفيه أن الأمر المطلق لا يعمّ جميع الأحوال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يطيعوا الأمير، فحملوا ذلك على عموم الأحوال حتى في حال الغضب وفي حالة الأمر بالمعصية فبين لهم صلى الله عليه وسلم أن الأمر بطاعته مقصور على ما كان منه في غير معصية» «١» .

وقد ذكرت في موضع آخر من الكتاب أن اختلاف العلماء في المسائل الفقهية إنما يرجع غالبا إلى تباين فهمهم في العام والخاص والمطلق والمقيد، ونعذرهم في ذلك لاختلاف من هم أفضل منهم في الفهم، وهم الصحابة رضي الله عنهم.

[الفائدة السادسة:]

شعور الصحابة بعظيم فضل النبي صلى الله عليه وسلم عليهم والنعمة التي هم فيها ببعثه صلى الله عليه وسلم واعتقادهم أنه لولا اتباعه لدخلوا النار يقينا، لما ورد في الحديث: (إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار) . ويدل الحديث أيضا على أن همّ الصحابة الأول في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم هو اتقاء النار يوم القيامة.

[الفائدة السابعة:]

ليس لأحد حجة شرعية في طاعة الإمام في معصية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى روايات الحديث عند مسلم: «لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف» . وهو قول فصل بيّن، ورد في شرح سنن أبي داود: (هذا يدل على أن طاعة الولاة لا تجب إلا في المعروف؛ كالخروج في البعث إذا أمر به الولاة والنفوذ لهم في الأمور التي هي الطاعات ومصالح المسلمين، فأما ما كان منها معصية كقتل النفس المحرمة وما أشبهه فلا طاعة لهم في ذلك، إنما الطاعة في المعروف، والمراد بالمعروف ما كان من الأمور المعروفة في الشرع، وهذا تقييد لما أطلق في الأحاديث المطلقة القاضية بطاعة ولي الأمر على العموم) «٢» .


(١) انظر «فتح الباري» (٨/ ٦٠) .
(٢) انظر «عون المعبود» ، (٧/ ٢٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>