للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن العظيم والسنة النبوية الشريفة، وإذا كان واجبا على كل مسلم أن يسعى إلى حلق العلم والذكر فأعتقد أن نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم غير مكلفات بذلك لأن العلم والذكر قد جاء إلى بيوتهن وبذلك قد كفاهن الله مؤونة السعي إليهما، وهذا مما يزيد في شرفهن وفضلهن.

وقد ذكر القرطبي ثلاثة معان للفظ الذكر الوارد في الآية الكريمة:

الأول: اذكرن موضع النعمة إذ صيّركنّ الله في بيوت تتلى فيها آيات الله والحكمة.

والثاني: اذكرن آيات الله واقدرن قدرها وفكرن فيها حتى تكون منكن على بال لتتعظن بمواعظ الله تعالى.

الثالث: احفظن واقرأن وألزمنه الألسن «١» .

٩- إعلامهن بلطف الله بهن:

قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً [الأحزاب: ٣٤] ؛ قال ابن كثير- رحمه الله تعالى-: (أي بلطفه بكن بلغتنّ هذه المنزلة وبخبرته بكنّ وأنكنّ أهل لذلك أعطاكن ذلك وخصكن بذلك) «٢» . وقال ابن جرير: (أي ذا لطف بكن إذ جعلكن في البيوت التي تتلى فيها آيات الله والحكمة- وهي السنة- خبيرا بكن إذ اختاركن لرسوله) «٣» .

من كل ما تقدم نعلم المنزلة العالية الرفيعة لأمهات المؤمنين، حيث لم يدع الله- سبحانه وتعالى- معروفا إلا حثهن عليه ورغبهن فيه، ولم يترك محرما إلا حذرهن منه، كما لم يترك شرفا ولا فضلا إلا وأثبته لهن بأكمل وأوفر ما يكون، وما كان ذلك إلا لقربهن واقترانهن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم.

وللتمة فإني سأذكر بعض فوائد الآيات الكريمات عسى الله أن ينفعنا بها، وقد رأيت أن أذكر فوائد كل آية على حدة، حتى لا تختلط الفوائد على القارئ، وليعلم بالضبط موضع الاستنباط، فأقول وبالله التوفيق:

قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا [الأحزاب: ٢٨] فيها:

١- قال الشيخ السعدي- رحمه الله تعالى- كلاما نفيسا، قال ما نصه: «في آية التخيير فوائد:


(١) انظر الجامع لأحكام القرآن (١٤/ ١٨٤) .
(٢) انظر تفسير ابن كثير (٣/ ٤٨٧) .
(٣) انظر تفسير ابن جرير (٢٢/ ٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>