للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها: الاعتناء برسوله وغيرته عليه، أن يكون بحالة يشق عليه كثرة مطالب زوجاته الدنيوية.

ومنها: سلامته صلّى الله عليه وسلّم بهذا التخيير من تبعة حقوق الزوجات، وأنه يبقى في حرية نفسه، إن شاء أعطى، وإن شاء منع ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ [الأحزاب: ٣٨] .

ومنها: تنزيهه عن لو كان فيهن من تؤثر الدنيا على الله ورسوله والدار الآخرة عنها، وعن مقارنتها.

ومنها: سلامة زوجاته رضي الله عنهنّ من الإثم والتعرض لسخط الله ورسوله.

فحسم الله بهذا التخيير عنهن التسخط على الرسول الموجب لسخطه المسخط لربه الموجب لعقابه.

ومنها: إظهار رفعتهن، وعلو درجتهن، وبيان علو هممهنّ، إن كان الله ورسوله والدار الآخرة مرادهن ومقصودهن دون الدنيا وحطامها.

ومنها: استعدادهن بهذا الاختيار للأمر الخيار للوصول إلى خيار درجات الجنة، وأن يكنّ زوجاته في الدنيا والآخرة.

ومنها: ظهور المناسبة بينه وبينهن، فإنه أكمل الخلق، وأراد الله أن تكون نساؤه كاملات مكملات طيبات مطيبات وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ [النّور: ٢٦] .

ومنها: أن هذا التخيير داع وموجب للقناعة التي يطمئن لها القلب، وينشرح لها الصدر، ويزول عنهن جشع الحرص، وعدم الرضا الموجب لقلق القلب واضطرابه، وهمه وغمه.

ومنها: أن يكون اختيارهن هذا سببا لزيادة أجرهن ومضاعفته، وأن يكن بمرتبة ليس فيها أحد من النساء» «١» .

٢- ظنت أمهات المؤمنين- رضي الله عنهن- أنه يمكن الجمع بين زيادة النفقة في الدنيا وبين الله ورسوله والدار الآخرة، فلما خيّرن علمن أن هذا الجمع محال فاخترن جميعا الله ورسوله بلا تردد، روى البخاري في صحيحه، عن الزّهريّ قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرّحمن أنّ عائشة- رضي الله عنها- زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخبرته: «أنّ رسول الله جاءها حين أمره الله أن يخيّر أزواجه فبدأ بي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إنّي ذاكر لك أمرا فلا


(١) انظر تفسير السعدى (١/ ٦٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>