للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالاته ولكن بشرط الهجرة وهذه مكافأة لقريباته المؤمنات؛ لما لحق بهن من الأذى.

٥- الواهبة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الكلام عليها تفصيلا- إن شاء الله تعالى.

[الفائدة الثانية:]

كما خص الله- سبحانه وتعالى- نبيه في إحلال صنفين من النساء دون سائر الأمة، خصه أيضا بأمر عظيم، وهو عدم تقييده صلى الله عليه وسلم في الزواج بعدد معين من النساء الحرائر.

قال الإمام ابن كثير- رحمه الله-: (قال أبي بن كعب ومجاهد والحسن وقتادة وابن جرير في قوله: قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ [الأحزاب: ٥٠] ؛ أي: من حصرهم- أي رجال الأمة في أربع نسوة حرائر وما شاؤا من الإماء واشتراط الولي والمهر والشهود عليهم وهم الأمة، وقد رخصنا لك- أي للنبي صلى الله عليه وسلم فلم نوجب عليك شيئا منه: لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) «١» .

[الفائدة الثالثة:]

يظهر من تلك الآية الكريمة حبّ الله- سبحانه وتعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم وعظيم اعتنائه- تبارك وتعالى- به حتى في شئون الزواج ومعاملة الزوجات، وظهر ذلك في الأمور التالية:

١- نزول القرآن الكريم- وهو كلام الحق- تبارك وتعالى- بذكر الأصناف التي يحل للنبي صلى الله عليه وسلم الزواج منهن، وإذا تدبر المؤمن مثل هذا الأمر وأمعن فيه مع سابق علمه بعظيم كلام الله عز وجل، علم يقينا أن هذا أمر عظيم واعتناء بالغ بالنبي صلى الله عليه وسلم فاق الوصف والتصور.

٢- إرادة الله- سبحانه وتعالى- التوسعة على نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد كانت تلك التوسعة على نحو عجيب، حيث شملت عدد الزوجات وأصنافهن وعدم وجوب القسمة وعدم اشتراط الولي والمهر والشهود، وأسأل: هل كان يمكن أن تكون التوسعة أكثر من ذلك؟ قال الشيخ السعدي- رحمه الله-: (وأبحنا لك أيها النبي ما لم نبح لهم ووسّعنا عليك ما لم نوسع على غيرك) «٢» .

٣- إرادة الله- سبحانه وتعالى- رفع الحرج عن نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد نصت الآية الكريمة على أن الحكمة في اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأحكام دون سائر الأمة هو لرفع الحرج عنه؛


(١) انظر تفسير ابن كثير (٣/ ٥٠١) .
(٢) انظر تفسير السعدى (١/ ٦٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>