أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد أمر كعب أن يضع من دينه الشّطر ففعل.
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
قد يقع بين الصحابة رضي الله عنهم الخطأ، مثل ما حدث في هذا الحديث، من التخاصم على أداء الدين، ورفع الصوت في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد بينت في موضع آخر من الكتاب، أنهم بشر وليسوا معصومين، وعلى المنصف أن يزن بين أعمالهم الصالحة التي كالجبال وبين زلاتهم التي تعدّ على أصابع اليد الواحدة.
[الفائدة الثانية:]
طاعة الصحابة المطلقة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتتمثل هنا في:
١- رد كعب بن مالك رضي الله عنه للرسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله:(لبيك) مما يوحي أنه قد أطاع الأمر قبل سماعه، أو حتى صدوره، وهل يعقل أن يجيب الرجل الآمر، بلبيك، ثم يعترض على الأمر؟!
٢- الأمر من النبي صلّى الله عليه وسلّم لكعب رضي الله عنه، ما كان ليحتاج إلى كلام لإقناعه أن يضع شطر ماله، بعد هذه الخصومة في المسجد، ولكن كل ما فعله النبي صلّى الله عليه وسلّم أن أشار بيده لكعب، أن يضع شطر ماله، مع أن كعبا، كان يسمع نداء النبي صلّى الله عليه وسلّم بدليل أنه أجاب نداءه، وقال:(قد فعلت) ، ولكن يبدو أن النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم من أصحابه عظيم أدبهم معه، وسرعة امتثالهم لأمره، فلم يحتج إلا إلى إشارة لفض النزاع بينهم.
٣- هذا الأمر الموجه لكعب، بوضع شطر دينه، ليس من الأوامر الشرعية في نظرنا، ولكن الصحابة رضي الله عنهم، خاصة الأكابر منهم، ككعب بن مالك ما كانوا ليفرقون بين أوامر النبي صلّى الله عليه وسلّم الملزم منها وغير الملزم، حتى ولو كانت تتعلق بالمال، الذي عظّم الله شأنه في القرآن.
٤- من علامات الطاعة المطلقة للصحابة، مع شدة أدبهم عند تحقيق هذه الطاعة، يتبين من الرد الجميل لكعب على أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم إذ قال له:(قد فعلت) بصيغة الماضي، ولم يقل له:(سأفعل) ، مبالغة في سرعة امتثال الأمر وثبوته والإشعار بعدم وجود أدنى تردد منه، ومن أدبه- أيضا- أنه لم يجادل في الأمر، ولم يطلب منه أن يأمر مدينه بحسن القضاء وسرعته، وهذا غاية الأدب ومنتهى الطاعة، كما أن المدين امتثل أيضا لأمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم حيث إنه لم يعقّب على الأمر، كأن يطلب منه التأجيل.
[الفائدة الثالثة:]
جواز التقاضي في المسجد، والنداء بصوت مسموع، والمصالحة بين