للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشرف بمن يعيش فيه ويعمره بالطاعات والقربات.

٢- رؤيته في المنام:

عن أبي هريرة قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثّل الشّيطان بي» «١» . قال أبو عبد الله: قال ابن سيرين: إذا رآه في صورته.

[الشاهد في الحديث:]

قوله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» ، وعند الشيخين أيضا: «من رآني فقد رأى الحق» «٢» .

أولا: بعض أقوال العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» .

قال الإمام ابن حجر- رحمه الله- ما نصه: «والحاصل من الأجوبة ستة:

أحدهما: أنه على التشبيه والتمثيل، ودل عليه قوله في الرواية الآخرى: «فكأنما رآني في اليقظة» .

ثانيها: أن معناها سيرى في اليقظة تأويلها بطريق الحقيقة أو التعبير.

ثالثهما: أنه خاص بأهل عصره ممن آمن به قبل أن يراه.

رابعها: أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكنه ذلك وهذا من أبعد المحال.

خامسا: أنه يراه يوم القيامة بمزيد خصوصية، لا مطلق من يراه حينئذ ممن لم يره في المنام.

سادسا: أنه يراه في الدنيا حقيقة ويخاطبه، وفيه ما تقدم من الإشكال» . انتهى «٣» .

ويقصد الإمام ابن حجر بالإشكال الوارد على الرأي السادس، ما قاله في موضع آخر:

«ويعكر عليه أن جمعا جمّا رأوه صلى الله عليه وسلم في المنام ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة، وخبر الصادق لا يختلف» «٤» .

وأعتقد- والله أعلم- أن المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فقد رآني» «٥» . أنها رؤية حقيقية كرؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة سواء بسواء؛ وذلك لأن الأصل هو عدم التأويل


(١) رواه البخاري، كتاب: التعبير، باب: من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، برقم (٦٩٩٣) .
(٢) رواه البخاري، كتاب: التعبير، باب: من رأي النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، برقم (٦٩٩٦) .
(٣) انظر فتح الباري (١٢/ ٣٨٥) .
(٤) انظر الموضوع السابق من الفتح.
(٥) رواه البخاري، كتاب: التعبير، باب: من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، برقم (٦٩٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>