هذه الآية اختلف المفسرون في سبب نزولها، ولكن كل الأقوال تدور حول استهزاء بعض المنافقين في غزة تبوك بالرسول صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، حيث قال المنافقون:(ما رأينا مثل قرّائنا هؤلاء أرغب بطونا وأكذب ألسنا وأجبن عند اللقاء) ، ولم يثبت في الصحاح شيء في سبب النزول، والذي يهمنا هنا ليس هو سبب النزول لكن الحكم الذي جاءت به الآية الكريمة حيث حكمت بكفر من استهزأ بشيء من الدين سواء كان متعلقا بالله أو باياته أو برسوله صلّى الله عليه وسلّم.
[بعض فوائد الآية:]
[الفائدة الأولى:]
إرادة الله الشرعية تعظيم هذا الدين، حيث حكم بكفر من استهزأ بأي أصل من أصوله، ولا تخرج أصول هذا الدين عن الاعتقاد الحق في الله- عز وجل-، وما يتعلق به من أسماء وصفات، وما ينزل من عنده من كتب سماوية وشرائع. ثم آيات الله تنقسم إلى آيات كونية وشرعية، ثم رسوله صلّى الله عليه وسلّم وما يتعلق به من سنة، سواء كانت سنة قولية أو فعلية أو إقرارية، وسواء تعلقت بالسلوك أو المظهر أو العادات أو الصفات الجبلية، وسواء كان ذلك لرسولنا الكريم أو بقية رسل الله من البشر أو الملائكة عليهم جميعا الصلاة والسلام.
قال الشيخ السعدي رحمه الله:(الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين؛ لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة)«١» .
[الفائدة الثانية:]
يستوي حكم الاستهزاء في الدين، للجاد والهازل، نقل القرطبي رحمه الله في تفسيره عن القاضي أبي بكر بن العربي قوله: (لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدّا أو هزلا، وهو كيفما كان كفر، فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة، فإن التحقيق أخو العلم والحق، والهزل أخو الباطل والجهل، انظر إلى قوله: أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ