للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل شيء، لقوله: (فلأنت الآن والله أحب إلي من نفسي) .

٣- ما كان عليه من رجاحة العقل، وصفاء القلب، حيث إنه زرع في قلبه حب النبي صلّى الله عليه وسلّم أكثر من نفسه بمجرد علمه أن إيمانه لن يكمل إلا بذلك، ولصفاء قلبه وطهارته، لم يجد مشقة ولم يحتج إلى وقت لاستكمال هذه الشعبة الإيمانية العظيمة.

[الفائدة الثالثة:]

طبع الإنسان على حب نفسه أكثر من أي شيء، ولا يذم الشرع هذا الحب للنفس؛ لأن مقولة عمر رضي الله عنه تقتضي أنه كان يحب نفسه أكثر من أي شيء، ولكن بعد هذا التوجيه النبوي، يجب على كل مسلم أن يحب الرسول صلّى الله عليه وسلّم أكثر من نفسه، وإذا كانت النفس تأمر صاحبها في بعض الأوقات بما يضرها، ويكون سبب هلاكها، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم يأمرها دائما بما يصلحها ويضمن لها عدم الهلاك، ولهذا كان حبه صلّى الله عليه وسلّم مقدما على حب النفس.

٧- إيثارهم له صلّى الله عليه وسلّم

عن جابر قال: كنّا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بذات الرّقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فجاء رجل من المشركين وسيف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معلّق بالشّجرة، فاخترطه، فقال: تخافني؟

قال: لا. قال: فمن يمنعك منّي؟ قال: «الله» «١» .

[الشاهد في الحديث:]

قول جابر رضي الله عنه: (فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي صلّى الله عليه وسلّم) . وسيأتي التعليق على هذا الحديث إن شاء الله في باب (حسن توكله صلّى الله عليه وسلّم وثقته بالله) .

٨- تعظيم الصحابة رضي الله عنه لما يحبه صلّى الله عليه وسلّم:

عن أنس رضي الله عنه قال: كان للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ناقة تسمّى العضباء، لا تسبق. قال حميد: أو لا تكاد تسبق، فجاء أعرابيّ على قعود فسبقها، فشقّ ذلك على المسلمين حتّى عرفه، فقال:

«حقّ على الله ألايرتفع شيء من الدّنيا إلّا وضعه» «٢» .

[الشاهد في الحديث:]

قول الراوي (فشق ذلك على المسلمين) .


(١) البخاري، كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع، برقم (٤١٣٧) ، ومسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الخوف، برقم (٨٤٣) .
(٢) البخاري، كتاب: الجهاد والسير، باب: ناقة النبي صلّى الله عليه وسلّم، برقم (٢٨٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>