١- حب النبي صلى الله عليه وسلم لهما، حيث زارهما في منزلهما، وصلى ودعا فيه، لتعم البركة البيت بالصلاة، والأهل بالدعاء، ثم خص أنسا بالدعاء، بناء على طلب الأم.
٢- إيثار أم سليم أنسا بدعاء مخصوص من النبي صلى الله عليه وسلم وكأن الأم من حنانها وحبها العظيم لأولادها تؤثرهم حتى في أمور الآخرة، ونلمح أيضا من قولها: إنها كانت تحب أنسا حبّا خاصّا، عن بقية أولادها، وهذا جائز لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما عتب عليها هذا المسلك في تفضيل أنس، وأعتقد أن سبب هذا الحب قرب أنس من النبي صلى الله عليه وسلم.
٣- فصاحة أم سليم، حيث وصفت أنسا أنه خويصة لها، وأبهمت بادئ الأمر اسمه للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى يسأل هو عنه، وأظن أن إبهام اسمه، إما لتسترعي انتباه النبي صلى الله عليه وسلم، أو حتى لا تحرجه، فتجعله في فسحة من أمره، وتدبر كيف سيكون حال أنس إذا ذكرت أم سليم اسمه للنبي ابتداء ولم يلبّ النبي طلبها بالدعاء؟!
ومن فصاحتها أيضا أنها ذكرت صفة أنس قبل اسمه فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم:(خادمك أنس) وذلك حتى تستدر عطف النبي صلى الله عليه وسلم بذكر منزلة أنس منه. فكل من عاصر النبي صلى الله عليه وسلم يشترك في فضل الصحبة، ولكن كم منهم نال شرف الخدمة والقرب، كما نال هذا الشرف العظيم أنسا؟ وما التمسته أم سليم في قولها:(خادمك أنس) قد تحقق بجوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء.
٤- حب أم سليم، رضي الله عنها للاستزادة من الخير، حيث طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لأنس، وهو يدل أيضا على علمها ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وأن دعاءه مستجاب، وأن الله حفيّ به يسمع دعاءه ويحقق رجاءه.
٥- تعظيم الصحابي أنس رضي الله عنه لأمور الآخرة، وتقديمها عن أمور الدنيا، حيث قال:(فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا لي به) .
٦- منزلة أنس، رضي الله عنه، في الدنيا والآخرة: ففي الدنيا رزق المال الوفير الذي استخدمه في طاعة المولى سبحانه وتعالى، والأولاد الكثر الصالحين البارين بأبيهم، وعلمنا أن هذا المال وهؤلاء الأولاد كانوا على هذا النحو من الخير والبركة؛ لأن دعاء النبي قيد بالبركة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«اللهم ارزقه مالا وولدا وبارك له فيه» ولولا بركة المال والأولاد لكان الدعاء عليه لا له، فنعتقد أن البركة قد حلت في كل أوجه مال وأولاد أنس رضي الله عنه.