للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- يسّر- سبحانه وتعالى- لكل مسلم أبوابا من خير كثيرة، ضمن بها لكل عبد ألا يعدم عملا صالحا له فيه الأجر والثواب، فمن منا يعجز أن ينوي بنومه ليلا التقوّي للعبادة وأداء صلاة الفجر في جماعة المسلمين وكذلك إذا أكل وشرب، ومن منا يعجز أن يجامع زوجته بنية إنجاب الذرية الصالحة التي تقوم بأمر الدين وهكذا.

ويتبين من ذلك أن الكثير منا مغبون يضيع عليه حسنات كثيرة لعدم استحضار النية عند قيامه بعاداته.

٥- كرمه- عز وجل- حيث يقبل- مع غناه عن العباد وافتقارهم إليه- القليل ويثيبهم عليه، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أنفق المسلم نفقة» . قال ابن حجر رحمه الله: «وحذف المقدار من قوله: (إذا أنفق) لإرادة التعميم ليشمل الكثير والقليل» «١» .

وأقول: إن تنكير كلمة «نفقة» يفيد التحقير أي أدنى نفقة. كما أن من كرمه- سبحانه وتعالى- أنه هو الذي رزق العباد ثم إذا هم أنفقوها فيما يحبونه ويتلذذون به باحتساب ونية أثابهم على ذلك.

[الفائدة الثانية:]

من شروط قبول العبادة واستحقاق العباد الأجر والثواب عليها أن يبتغي العبد بها وجه الله أي يطلب بها ثواب الله ورضاه والتقرب إليه، وأن يقصد بالقيام بها طلب الأجر، وهو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم: «وهو يحتسبها» ، ولكن كيف يحتسب العبد النفقة على أهله، قال الإمام النووي: (وطريقه في الاحتساب أن يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق على الزوجة وأولاده وغيرهم ممن تجب نفقته على حسب أحوالهم واختلاف العلماء فيهم وأن غيرهم ممن ينفق عليه مندوب إلى الإنفاق عليهم فينفق بنية أداء ما أمر به وقد أمر بالإحسان إليهم) «٢» .

[الفائدة الثالثة:]

كل عمل يستطيع كسبه من الحرام فيعدل عنه إلى الحلال والمشروع من الدين فإن له فيه أجرا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟! فكذلك إذا وضعها في الحلال» ، فالرجل الذي يستطيع أن يكسب عيشه من حرام فعفّ عنه والتمس رزقا حلالا كان له في ذلك أجر.


(١) فتح الباري (٩/ ٤٩٨) .
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (٧/ ٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>