للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشاهد في الحديث:]

هو قول كل غلام: «أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلّم»

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

في شمائل النبي صلى الله عليه وسلّم:

١- عظيم منزلته عند أصحابه، وغضبهم له أشد الغضب، وإرادة الانتقام من كل من يؤذيه، فإن سأل سائل، ألم ير الغلامان أن الشرك بالله أعظم من سب رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟

قلت: بلى، ولكنهما ذكرا السب؛ لأن كل عسكر الكفار كانوا يكفرون بالله، فاستوى ذلك الذنب في حقهم جميعا، ولكنهما عظّما قبح أمر أبي جهل أنه أضاف إلى كفره بالله، سبّه للنبي صلى الله عليه وسلّم لذلك نصّا في مقولتيهما على السب.

٢- رحمته صلى الله عليه وسلّم بأصحابه حيث حكم للغلامين، بقتل أبي جهل، تطييبا لخاطرهما، فقال: (كلاكما قتله) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلّم رأى الدم على سيفيهما جميعا.

٣- فراسته صلى الله عليه وسلّم، حيث طلب النظر إلى سيفيهما ليعلم أيهما قتل أبا جهل.

٤- عدله صلى الله عليه وسلّم حيث قضى بالسلب لمعاذ بن عمرو، وذلك لأن معاذ بن عمرو هو الذي أثخن أبا جهل بالضربة الأولى ثم ضربه معاذ بن عفراء بعد ذلك، فقال لهما صلى الله عليه وسلّم: كلاكما قتله، تطييبا لخاطرهما، فلما جاء القضاء بالسّلب قضى به لمعاذ بن عمرو لأنه هو الذى يستحقه شرعا فلم يكن صلى الله عليه وسلّم ليفعل غير ذلك. وهذا لا يمنع من أنه صلى الله عليه وسلّم قد أرضى معاذ بن عفراء بعد ذلك بشيء من المال على سبيل المكافأة أو الهدية أو غير ذلك، أو كان له سهم في المغانم، فاكتفى به صلى الله عليه وسلّم.

[الفائدة الثانية:]

في الغلامين:

١- أدبهما: حيث خاطبا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رضي الله عنه بقولهما (يا عم) للتوقير، فقد راعيا كبر سنه وحداثة أسنانهما.

٢- شجاعتهما: حيث طلبا معرفة أبي جهل ليقتلاه، رغم صغر سنهما قال الراوي:

(حديثة أسنانهما) ، وانظر أين سيكون القتل؟! في موقعة فيها الكر والفر والتحام الصفوف، وتطاير النبال والسهام، وكل ذلك لم يخفهما أو يثبط من عزيمتهما.

٣- تصميمها على قتل أبي جهل أو الموت دونه، قال كل منهما: (والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا) ، فالأمر بالنسبة إليهما لم يكن مجرد محاولة لقتل أبي جهل، أو أداء الواجب، بل تصميم وعزيمة، لا يثنيها شيء، فقد أقسما بالله

<<  <  ج: ص:  >  >>