أنهما لن يفارقاه في حال رؤيته حتى يموت أحدهما، ولو مسّهما من العذاب ما مسهما.
٤- حبّهما الشهادة في سبيل الله: والحرص عليها، واستعدادهما لها، من قبل دخول المعركة، لقولهما:(حتى يموت الأعجل منا) .
٥- قوتهما: ويظهر ذلك من قول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: (تمنيت أن أكون بين أضلع منهما) . والضلاعة هي القوة، فيظهر هذا جليّا في تصرفهما لما رأيا أبا جهل، لقول الراوي:(فابتدراه بسيفيهما فضرباه) ، وهو يدل على غاية القوة، وكمال الشجاعة.
٦- حبهما البالغ للنبي صلى الله عليه وسلّم رغم حداثة سنهما، ويظهر ذلك في:
أ- سؤالهما عن أبي جهل ليقتلاه، ولما سئلا عن حاجتهما له قال كل منهما:(أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلّم) ، فكأنهما لم يريا شيئا في أبي جهل يستحق عليه القتل أعظم من أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهذا يدل على شدة غضبهما على من يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولو بالقول دون العمل، وإرادة الانتقام منه، وبذل أقصى الجهد لتحقيق ذلك، فإما موت أبي جهل، وإما موتهما، ولم يفكرا في حل ثالث، وكأنهما لا يستطيعان العيش، وأحد المشركين يسب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وانظر إلى فصاحة كل منهما في قوله:(أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلّم) ، فهما لم يسمعا السب، ولم يخبرانا عن اسم من أخبرهما، فكل هذا لا يهم، المهم عندهما، قتل من يسب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وانظر إلى استخدامهما لفظ (أخبرت) دون (سمعت) ، فكأن إخبارهما بالخبر كان مقصودا به الانتقام لرسول الله صلى الله عليه وسلّم؛ لأن السماع يشترك فيه كل الناس، من يهمه الأمر ومن لا يهمه، ومن يقصد إيصال الخبر إليه ومن لا يقصد، كما أن لفظ «أخبرت» يشعر بعزة نفس كل منهما، وعلو شأنهما، وهو أمر محمود في ساحة القتال.
ب- ذهابهما مباشرة بعد قتل أبي جهل، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكأن غايتهما من حضور الغزوة قد انتهى بالقضاء على من يسب رسول الله صلى الله عليه وسلّم والدليل على أنهما ما قتلا أحدا بعده، أن دم أبي جهل ما زال على سيفيهما، فقد ورد في الحديث:«هل مسحتما سيفيكما؟» قالا:
لا. وأعتقد أنهما حرصا على بقاء دم أبي جهل حتى يشعرا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنهما قد انتقما له من أبي جهل، فالإخبار بالقتل غير معاينة الدم.
ج- رد كل منهما على سؤال النبي صلى الله عليه وسلّم:«أيكما قتله؟» ، بإجابة واحدة:(أنا قتلته) ، مع أن القاتل الحقيقي واحد، وهو الذي أثخن جرحه وأعجزه عن المبارزة، ولكن ادعى كل