والآيات في هذا كثيرة، وقد تظاهرت نصوص الشرع والإجماع على تحريم الحسد واحتقار المسلمين وإرادة المكروه بهم وغير ذلك من أعمال القلوب وعزمها) . انتهى «١» .
[والخلاصة أن هناك ثلاث حالات:]
[الحالة الأولى:]
رجل خطر على باله المعصية، فدفعها احتسابا للأجر وخوفا من الله- عز وجل-، فلم تستقر في قلبه، فهذا له أجر المجاهدة وليس عليه شيء قطعا، وإن دفعها دون احتساب ولا خوف وإنما لحاجة في نفسه فليس له أجر على أحد قولي العلماء، وليس عليه إثم.
[الحالة الثانية:]
رجل راودته المعصية وعزم على فعلها، ولكن حال دونها ودونه شيء خارج عن إرادته، فعليه إثم قطعا، ولكن إثم عزم النية على المعصية، وليس إثم المعصية ذاتها؛ لكونه لم يعملها. ذكر معناه الإمام النووي في شرح الحديث.
[الحالة الثالثة:]
رجل خطرت على باله المعصية وعزم على فعلها وباشرها فعلا فعليه إثمان؛ إثم العزم وإثم المعصية نفسها، ذكره النووي أيضا.
[الفائدة الرابعة:]
إذا كان الشرع الحنيف لم يوجّه اللوم والعتاب إلى من وسوست له نفسه بالسيئة ولم يعزم على فعلها، فهل يستوي هو ومن لم يهم بالمعصية أصلا ولم توسوس له نفسه؟
الإجابة: إنهما لا يستويان مثلا. ودليله أن الأصل لحوق الإثم على من همّ بالمعصية أو وسوست له بها نفسه، ولكن رفع هذا الإثم عن هذه الأمة إكراما لرسولها صلى الله عليه وسلم، فإن كان التجاوز عن الهم قد رفع إلا أن ذمه موجود في الشرع، حيث إن التجاوز لا يكون إلا عن شيء مذموم، ومن جهة أخرى فإن القلب الذي انشغل بالطاعات والذكر وكذا المباحات طول الوقت ليس كالقلب الذي غفل بعض الوقت عن الطاعات بالانشغال بالوسوسة وحديث النفس بالمعصية.
١٠- ترتيب الأجور العظيمة على الأعمال القليلة:
عن أبي هريرة: أنّ فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدّثور بالدّرجات العلى والنّعيم المقيم!!. فقال:«وما ذاك؟» قالوا: يصلّون كما نصلّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدّقون ولا نتصدّق، ويعتقون ولا نعتق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أفلا أعلّمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم، إلّا من صنع مثل ما صنعتم؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «تسبّحون وتكبّرون وتحمدون دبر