للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدخل في زمرة صالح المؤمنين.

[الفائدة الرابعة:]

في الآية أبلغ الحث على حب النبي صلّى الله عليه وسلّم ومناصرته واتباع سنته؛ لأن الله- سبحانه وتعالى- إذا كان يحب النبي صلّى الله عليه وسلّم وينصره، فهو قطعا يحب من يتبعه وينصر من ينصره.

[لطيفة:]

لم يقتصر التأديب الرباني لزوجات النبي صلّى الله عليه وسلّم على إنزال هذه الآية العظيمة، بل أعقبتها آية هي أشد وقعا على جميع أمهات المؤمنين- رضي الله عنهن- وهي قوله تعالى:

عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً [التحريم: ٥] ، فجاء التهديد القرآني الذي يراد به مراعاة عظيم الأدب مع النبي صلّى الله عليه وسلّم بالنقاط التالية:

١- إمكانية التطليق، وفي هذا أشد الحرمان لهن، لما فيه من انقطاع شرف الانتساب لبيت النبوة، وجوار النبي صلّى الله عليه وسلّم في الدنيا والآخرة، ويا ليت الأمر يقتصر على ذلك بل سيحل محلهن زوجات أخريات، يفزن بهذا الشرف والجوار.

٢- إن الذي سيبد له بالزوجات بعد التطليق هو الله تبارك وتعالى، الذي هو مولاه، فلن يترك الأمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم في الاختيار، وإذا كان الذي سيختار الزوجات هو الله، فنعم المختار، وما أحسن المختارات.

٣- إثبات أن الزوجات- المبدل بهن- هن خير من الزوجات الكريمات اللاتي في عصمته صلّى الله عليه وسلّم، فهن على أحسن الأوصاف وأسمى الأخلاق، مع مراعاة أن الآية ذكرت التنوع في أصنافهن ففيهن الأبكار والثيبات، حتى لا يقول قائل: سيأتي الطلاق بالتشديد على الرسول صلّى الله عليه وسلّم كما هو الحال عند بقية الناس- بل سيكون حاله صلّى الله عليه وسلّم بعد طلاق جميع نسائه في منتهى التوسعة.

فتدبر أخي القارئ كيف جاءت الآية على أحسن ما يكون في تهييج مشاعر الحب والغيرة في قلوب أمهات المؤمنين، بما يضمن عدم عودتهن إلى ما بدر منهن ولو كان أمرا بسيطا.

وقد بينت في عدة مواضع، أن الكافرين كانوا إذا اتهموا النبي صلّى الله عليه وسلّم بأي تهمة نزل القرآن بما يبرئه من هذه التهمة، وبما يرفع من قدره ويعلي شأنه، وهذا أيضا قد حدث في هذه الواقعة، والتي تحكي شأنا من شئون أمهات المؤمنين، فنزل القرآن بما يرشدهن إلى وجوب سلوك غاية الأدب، وبما يرفع أيضا شأن النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث ثبتت له ولاية الله وجبريل

<<  <  ج: ص:  >  >>