للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثالثا: بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

التحذير الشديد من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال الإمام النووي:

(يؤخذ من الحديث تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلّم وأنه فاحشة عظيمة، وموبقة كبيرة، ولكن لا يكفر بهذا الكذب إلا أن يستحله) «١» . وقال الحافظ ابن حجر: (الفرق بين الكذب على النبي صلى الله عليه وسلّم والكذب على غيره أن الكذب عليه توعّد فاعله بجعل النار له مسكنا بخلاف الكذب على غيره) «٢» .

ويتفرع عليه سوء عاقبة من كذب على النبي صلى الله عليه وسلّم حيث دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلّم أو أخبر أن له مقعدا في النار هو ماله ومسكنه.

[الفائدة الثانية:]

ليس إثم الكذب كله سواء، فإن أعظم ما يكون فيه الإثم، الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم ثم يأتي بعد ذلك الكذب في الشهادات والكذب لاقتطاع حق امرئ مسلم، والكذب لبيع السلع في الأسواق ... إلى اخره.

[الفائدة الثالثة:]

جميع أنواع الكذب على النبي صلى الله عليه وسلّم في الحرمة سواء، فلا فرق بين كذب في العبادات وكذب في العادات، كما لا فرق بين كذب في الأحكام وكذب في فضائل الأعمال، ودليله أن الحديث أطلق الكذب ورتب عليه هذا الجزاء المغلظ ولم يقيد الكذب بنوع دون نوع، فعمّ جميع أنواع الكذب.

قال الإمام النووي في شرح الحديث ما نصه: (لا فرق في تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلّم بين ما كان في الأحكام، وما لا حكم فيه كالتر غيب والترهيب، والمواعظ وغير ذلك فكله حرام من أكبر الكبائر، وأقبح القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع خلافا للطوائف المبتدعة الذي يجيزون وضع الحديث في الترغيب والترهيب) «٣» .

ويتفرع عليه قبح من يقول زورا وبهتانا عند استدلاله بأحاديث موضوعة في الترغيب والترهيب: (إنما أكذب للنبي صلى الله عليه وسلّم ولا أكذب عليه!!!) وهذه المقولة منه نهاية السفه ومنتهى الضلالة حيث حكموا على شرع الله- سبحانه وتعالى- بالنقص والحاجة إلى الإتمام، والله يقول في محكم التنزيل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ


(١) انظر «شرح النووي على صحيح مسلم» (١/ ٦٩) .
(٢) انظر «فتح الباري» (٣/ ١٦٢) .
(٣) انظر «شرح النووي على صحيح مسلم» (١/ ٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>