للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبّة خردل من إيمان فأخرجه من النّار. فأنطلق فأفعل» «١» .

وعنده أيضا: «قال ثمّ أعود الرّابعة فأحمده بتلك المحامد ثمّ أخرّ له ساجدا فيقال: يا محمّد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفّع. فأقول: يا ربّ ائذن لي فيمن قال لا إله إلّا الله فيقول: وعزّتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لآخرجنّ منها من قال لا إله إلّا الله» «٢» .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى: في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة:]

١- أنه سيد الناس يومئذ، وهو سيدهم، في الدنيا أيضا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» . وهذا الحديث لم يقيد التسييد بالدنيا أو الآخرة، ولكن في الحديث الذي معنا قيّد الأمر بيوم القيامة، لسببين:

أولهما: أنه في ذلك اليوم لن ينازعه أحد أنه سيد الناس، بخلاف الأمر في الدنيا، حيث كذب المنافقون والكافرون بنبوته وأنه سيد ولد آدم.

ثانيهما: أن فضل النبي صلى الله عليه وسلم وسيادته للبشر أظهر وأعظم يوم القيامة، لحاجة الأولين والآخرين إليه في أن يرفع عنهم ما هم فيه، وهذا الذي ذكرته يشبه قوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، مع أنه- سبحانه وتعالى-، يملك أمر الدنيا والآخرة، ولكن الآية ذكرت الآخرة دون الدنيا، للأسباب التي ذكرتها آنفا.

٢- ظهور فضل النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على بقية البشر كلهم أجمعين، حيث يبلغ الناس غمّ وكرب، لا يطيقونه ولا يحتملونه، ويسلم هو من هذا الغم والكرب، بل يأتي معززا مكرما، لقوله صلى الله عليه وسلم: «فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون» .

٣- ظهور فضل النبي صلى الله عليه وسلم على بقية الأنبياء بما فيهم أولو العزم من الرسل، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، عليهم جميعا الصلاة والسلام، حيث إنهم لم يجترئوا على التقدم للشفاعة، وأحال كل منهم الأمر إلى غيره، وما قبل ذلك إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم، حتى يقول: أنا لها. فكفى بذلك بيانا لفضله وشرفه صلى الله عليه وسلم، وتدبر أخي المسلم، حال الأنبياء يوم القيامة، إذ


(١) البخاري، كتاب التوحيد، باب: كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء، برقم (٧٥١٠) ، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>