للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطاعه واتقاه، الثالثة: أنه النذير بعذاب الله وانتقامه لمن عصاه وعاداه، الرابعة: أنه يدعو إلى الله- سبحانه وتعالى-، الخامسة: وهي أجملها وأتمها وهي الصفة التي جمعت ما سبق وهي وصفه صلّى الله عليه وسلّم بالسراج المنير، ومن كانت تلك بعض صفاته (وليست كلها) كان أحق الخلق عند رب الخلق بالاصطفاء والاجتباء، وأحق الناس عند الناس بالاقتداء والافتداء.

[بعض فوائد الآيتين الكريمتين:]

[الفائدة الأولى:]

في الشمائل النبوية- على صاحبها الصلاة والسلام-:

١- إثبات أن كل دعوته صلّى الله عليه وسلّم حق، وأنه لم يدخل عليها باطل في كبير ولا صغير حيث إن الله- عز وجل- أعلمنا أنها كانت بإذنه، والله لا يأذن إلا في حق، وهذا غاية التشريف لدعوته صلّى الله عليه وسلّم.

٢- إثبات أن دعوته صلّى الله عليه وسلّم كانت كلها خالصة لوجه الله- سبحانه وتعالى- وأنه صلّى الله عليه وسلّم ما أراد بها وجاهة ولا رئاسة ولا مالا؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لو ابتغى من دعوته شيئا من عرض الدنيا، ولو كان أقل القليل، ما صدق عليه قوله- سبحانه وتعالى-: وَداعِياً إِلَى اللَّهِ.

٣- إثبات أن دعوته صلّى الله عليه وسلّم كلها من أولها إلى آخرها كانت برعاية الله ومباركته وحفظه، لأن الله- سبحانه وتعالى- هو الذي أذن بها، فحقيق به- جل في علاه- أن يحفظها ويحفظ من يقوم بها، قال تعالى: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ [الطور: ٤٨] .

وفي هذا أبلغ الحث للدعاة إلى الله أن يخلصوا في دعوتهم، حتى تكون دعوتهم بإذن الله، يحفظها الله ويوفق القائم عليها.

٤- إثبات كمال عدالته وصدقه صلّى الله عليه وسلّم إذ رضي الله به أن يكون شاهدا على أمته، كما أن الأمة سترضى بهذه الشهادة ولن تطعن فيها، وقد بينت ذلك تفصيلا في باب: (أمة وسط) .

٥- إثبات سعة علمه صلّى الله عليه وسلّم بالله وأسمائه وصفاته وما ينبغي إثباته لله، وما ينبغي نفيه عنه- سبحانه وتعالى- وما يحبه الله وما يكره، وما حرم وما أحل، فلولا علمه صلّى الله عليه وسلّم بذلك ما استطاع أن يقوم بالدعوة إلى الله على الوجه الأكمل.

٦- ظهور بالغ حكمته صلّى الله عليه وسلّم في الموازنة بين البشارة والنذارة حيث أثبتت له الآية الكريمة أنه صلّى الله عليه وسلّم كان مبشرا ونذيرا، ولولا قيامه بهاتين الوظيفتين على الوجه الأكمل ما كان لهذا المدح من معنى، فقد نهج النبي صلّى الله عليه وسلّم مع أصحابه دائما أن يخوفهم من عذاب الله إن هم

<<  <  ج: ص:  >  >>