الفائدة العاشرة: قدرة الله- تبارك وتعالى- العجيبة:
حيث ساخت يدا فرس سراقة جدّا- أي غاصت في الأرض- حتى بلغتا الركبتين، وهذا من دلائل قدرة الله- تبارك وتعالى-، ومن دلائل صدق نبوته صلّى الله عليه وسلّم، والدليل على ذلك أن سراقة أسلم في الحال وعلم أنها آية قال في الحديث:«ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها» ، ولم تكن هذه هي الآية الوحيدة التي حمى الله- تبارك وتعالى- بها نبيه صلّى الله عليه وسلّم وشرح بها قلب سراقة للإيمان، بل هناك آية أخرى؛ وهي: أن الأزلام- وهي أقداح كانوا يقترعون بها في الجاهلية لإنفاذ أمر ما- كالقرعة الآن- كانت تخرج كل مرة بعدم إيذاء النبي صلّى الله عليه وسلّم، مع تكرار سراقة للاستقسام، قال سراقة:«فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا؟ فخرج الذي أكره» .
الفائدة الحادية عشرة: إرادة الله- سبحانه وتعالى- أن يؤنس ويطمئن قلب نبيه صلّى الله عليه وسلّم:
فأراه دار هجرته، وهو في مكة لم ينتقل منها بعد، ورد في الحديث:«قد رأيت دار هجرتكم رأيت سبخة- وهي الأرض المالحة التي لا تكاد تنبت- ذات نخل بين لابتين» ولا مانع شرعا ولا عقلا أن تكون رؤية بالعين. وهذا الذي نعتقده.
الفائدة الثانية عشرة: بره صلّى الله عليه وسلّم برحمه:
حيث اختار صلّى الله عليه وسلّم أقرب أهل المدينة منه رحما فنزل عندهم، ورد عند مسلم:«فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أنزل على بني النجار أخوال عبد المطلب أكرمهم» .
قال الإمام النووي- رحمه الله-: «وفيه فضيلة صلة الرحم سواء قربت القرابة والرحم أم بعدت، وأن الرجل الجليل إذا قدم بلدا له فيها أقارب ينزل عندهم يكرمهم بذلك»«١» .
الفائدة الثالثة عشرة: حب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وإجلاله وتوقيره النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإيثاره له على نفسه في كل شيء:
وأعتقد أنه رضي الله عنه قد بلغ المنتهى في كل ما ذكر، وسأذكر شواهد ذلك من حديث الهجرة بشيء من التفصيل. ثم أعقبه بحب الأنصار للنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن هذا الحب