كمال رسالته صلى الله عليه وسلم وعلو قدرها على جميع الرسالات السماوية السابقة، ذلك أن كل رسالة أنزلها الله- عز وجل- جعلها صالحة لزمن معين ولطائفة مخصوصة من الناس، أما رسالته صلى الله عليه وسلم فإنها رسالة صالحة للخلق كلهم جميعا تصلح لمعادهم ومعاشهم ودنياهم وأخراهم، لأول الزمان وآخره، لسنوات الأمن وسنوات الفتن، لأيام الرخاء وأيام الشدة، رسالة لا تعرف أي نوع من الحدود، لا حدود في زمان ولا مكان ولا جنس ولا لغة.
[الفائدة السابعة:]
اتساع أمة الدعوة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وهي الأمة الموجه لها الأمر الرباني بالدخول في الإسلام والإيمان ببعثته صلى الله عليه وسلم حيث إن الخطاب توجه لكل أحد بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم من يوم بعثته صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة. ويؤخذ من الحديث أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أكثر الرسل أتباعا يوم القيامة وقد بوبت لذلك بابا خاصّا.
١٣- أعطي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم:
عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فضّلت على الأنبياء بستّ: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرّعب، وأحلّت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافّة، وختم بي النّبيّون» .
هذا الحديث من الأحاديث التي جمعت بعض ما فضّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء والمرسلين، مما يدل على تفصيل الله- تبارك وتعالى- له وحبه إياه صلى الله عليه وسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم:«فضلت على الأنبياء بست» ، لا يدل على أنه لم يفضل بغيرهن، لورود أحاديث صحيحة تثبت غيرهن من الفضائل، وقد أوردت طرفا منها في هذا الفصل، وقد ذكر أبو سعيد النيسابوري «١» في كتاب شرف المصطفى أن عدد ما اختص به نبينا صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء ستون خصلة.
فلعل الله- تبارك وتعالى- أوحى إليه أولا بأنه فضّل بتلك الفضائل الستة الواردة في حديث الباب، ثم تتابع الوحي عليه بفضائل أخرى متفرقة.
(١) هو عبد الرحمن بن الحسين بن خالد القاضي شيخ أهل الرأي بخراسان أبو سعيد النيسابوري الحنفي، توفي في سنة (٣٠٩ هـ) بنيسابور عن نيف وثمانين سنة، انظر سير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٨٤) .