يعجب الغلمان، إلا أن الله- عز وجل-، عصمه منذ طفولته مما يخدش الحياء، أو يطعن في المروءة، حتى من الأشياء التي يتساهل فيها الغلمان، مثل التعرى، أو سماع المعازف والأغاني المحرمة، فهذه الأمور ما كان النبي عليه السلام يشارك فيها أقرانه حتى وهو غلام لم يجر عليه القلم بعد.
[الفائدة الثانية:]
اعتناء المولى- سبحانه وتعالى- بنبيه صلّى الله عليه وسلّم غاية الاعتناء منذ صغره، ويتبين ذلك من:
١- إرسال جبريل أعظم الملائكة للقيام بهذه المهمة المباركة، وكان يكفي أن يقوم بها أي ملك آخر خاصة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ما زال صغيرا.
٢- عصمة الله، - عز وجل-، لنبيه منذ الصغر، باستخراج حظ الشيطان من قلبه، وهذا يدل على عصمته قبل وبعد النبوة، وأن الشيطان ليس له أي دخل في أعماله وأقواله، التي صدرت منه في كل أحواله، ومن يشكك في ذلك فقد كذّب بحديث النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن كذّب النبي فقد كذّب الله- عز وجل-، وأقول: أن الحكمة من غسل القلب بعد استخراج العلقة منه، هو تطهير مكان العلقة بعد إزالتها حتى يتأكد من التطهير الكامل للقلب، من العلقة وأثرها.
٣- دلنا شرف الغاسل، وشرف المادة المستخدمة في الغسل، ونفيس الوعاء، على شرف المغسول، وهو قلب النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويدلنا أيضا على اعتناء الآمر بالغسل، وهو الله- عز وجل-.
[الفائدة الثالثة:]
التكاليف الشرعية للملائكة، غير تكاليف عباد الله المؤمنين، كما أن هيأتهم، ليست كهيأتنا، والدليل على ذلك استخدام الملائكة طستا من ذهب لغسل قلب النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا يقال: إن هذا قبل تحريم استخدام الذهب للمسلمين، فهذا بعيد جدّا، لأني لا أتصور أن شرائع الملائكة يدخل فيها النسخ، لعدم وجود علل النسخ في حقهم، كما أن المستخدم هنا للذهب هم الملائكة وليس النبي صلّى الله عليه وسلّم، حتى نقول أن هناك نسخا.
[الفائدة الرابعة:]
غسل القلب كان يمكن أن يكون بغير شق الصدر، وبغير إرسال جبريل عليه السلام وبغير أن يصرع النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكن تحققت فوائد كثيرة من هذه العملية وهي:
١- إظهار عجائب قدرة الله- عز وجل-، وما منحه الله لملائكته من عظيم خوارق العادات، فجبريل عليه السلام يفتح صدر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو ما زال غلاما، ويستخرج