للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية الآن بسبب تفريطها في حقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم في مواجهة الملحدين والمستهزئين به وبشريعته وسنته صلّى الله عليه وسلّم.

الفائدة الثّالثة:

عظيم علم الله وحكمته وقدرته- سبحانه وتعالى- فبعلمه اطلع على المستهزئين، وبحكمته وعد نبيه بإهلاكهم، وبقدرته أنفذ وعده ونصر عبده صلّى الله عليه وسلّم.

شاهد ثان على كفايته صلّى الله عليه وسلّم قدرا:

قال تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ [المائدة: ٦٧] .

قال الشيخ السعدي رحمه الله: (هذه حماية وعصمة من الله لرسوله من الناس، وأنه ينبغي أن يكون حرصك على التعليم والتبليغ ولا يثنيك عنه خوف من المخلوقين فإن نواصيهم بيد الله وقد تكفل بعصمتك) «١» .

أقول: وهذه الآية الكريمة من أكبر دلائل نبوته صلّى الله عليه وسلّم وأنه يوحى إليه من ربه؛ فقد تضمنت الآية حكما يستحيل أن يضمنه أحد من البشر، مهما كانت قوته ومهما بلغت سطوته، فلا يقدر أحد أن يحمي أحدا أو يعصمه طوال حياته من جميع الناس وفي كل الأحوال، إلا الله- سبحانه وتعالى- خاصة إذا كان مثل الرسول صلّى الله عليه وسلّم الذي امتلأت حياته بالغزوات ومنازلة الكفار حيث الكر والفر، بالإضافة إلى خطر المنافقين الذين ملأوا أرجاء المدينة مع حرصهم الشديد على إيذائه. فما الذي يدفع النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يعلن للناس أن الله قد عصمه، وما سيتبع ذلك الإعلان من لزوم الاستغناء عن أي حرس من البشر.

وأقول لكل منصف- من غير المسلمين- هل يعقل أن يدعي أحد النبوة ويكذب على ربه طمعا في الدنيا وزينتها ورغد العيش فيها، ثم يعرض نفسه للتهلكة، بدعوى أن الله- سبحانه وتعالى- عاصمه، ثم الأعجب من ذلك أن الله- تبارك وتعالى- بالفعل يعصمه ويحميه- رغم دعوى الخصم أنه يكذب على ربه- هذا لا يقوله عاقل.

[شاهد ثالث على كفايته قدرا:]

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو جهل: هل يعفّر محمّد وجهه بين أظهركم؟ قال:

فقيل: نعم، فقال: واللّات والعزّى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته أو لأعفّرنّ وجهه


(١) تيسير الكريم الرحمن (٢٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>