يموتون، وهكذا يقال عن عذاب القبر وعذاب النار، أعاذنا الله من ذلك بفضله وكرمه.
٢- من أعظم دلائل وجود الأهوال يوم القيامة، أن الرب- تبارك وتعالى-، يغضب غضبا شديدا، قال صلى الله عليه وسلم على لسان جميع الأنبياء:«إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله» .
ويتفرع على هذا أمران هما:
الأول: ثبوت صفة الغضب لله- تبارك وتعالى- قال تعالى عن قوم فرعون: فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ [الزخرف: ٥٥] ، ومعنى آسفونا: أغضبونا، فما دامت الصفة قد ثبتت لله- عز وجل- في القرآن والسنة، علمنا أنها صفة كمال، لأن كل صفات العزيز الحميد صفات كمال، وأقول: كيف ننفي عن الله ما أثبته لنفسه من صفات، وتزول الشبهة عن المنكرين لهذه الصفات إذا نزهوا الله- تبارك وتعالى- عن مشابهة الخلق، وإذا علموا أن تشابه الصفات بين الله وخلقه، كالضحك والغضب والفرح، لا يستلزم تشابه الخالق مع الخلق، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، قال تعالى:
الثاني: الخوف من هذا اليوم العظيم، الذي يغضب فيه الرب مثل هذا الغضب الشديد، وذلك بكثرة التوبة والاستغفار وتجنب المعاصي، والإكثار من الطاعات، وفعل كل ما يحبه الله ويرضاه، فكيف يأمن الإنسان المسلم مهما بلغ من التقوى والعلم والصلاح يوما يغضب فيه الرب، وعجبت ممن يسرف على نفسه من المعاصي والكبائر، مع قلة الطاعات أو انعدامها، بحجة أن الله غفور رحيم، ماذا يفعلون مع هذا الحديث الشريف، كيف يأمنون يوما يقول فيه الأنبياء المقربون: نفسي نفسي نفسي.
ومن علامات الخوف الذي سينتاب الخلائق يوم القيامة، أنهم سيذهلون عن كون النبي صلى الله عليه وسلم هو صاحب الشفاعة العظمى، وأن الأنبياء كلهم سيعتذرون عنها ودليله، أن المؤمنين من هذه الأمة يعلمون بالأخبار المتواترة من صاحب الشفاعة، ومع ذلك لا يذهبون إليه ابتداء وقد أشار إلى هذا المعنى صاحب الفتح.
[الفائدة الخامسة: ثبوت دخول طائفة من أهل التوحيد النار]
، يعذبون فيها على ما اقترفوا من المعاصي والذنوب، وهذا رد على المرجئة.
الفائدة السادسة: عظيم قدرة الله- سبحانه وتعالى- التي تذهل العقول