للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقول: لو كانوا يعلمون شيئا أجمل وأبهى عندهم من ورقة المصحف لشبهوا به وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم، بل الأعجب من ذلك ما ورد في الصحيحين من رواية أنس بن مالك- رضي الله عنه-: «فلما وضح وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم ما نظرنا منظرا كان أعجب إلينا من وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث وضح لنا» .

[الفائدة السابعة عشرة:]

مكانة أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- عند النبي صلّى الله عليه وسلّم وعند الصحابة- رضي الله عنهم-:

١- رضا النبي صلّى الله عليه وسلّم بإمامته رضي الله عنه المسلمين، بل هو الذي أمر أن يصلي بهم أبو بكر رضي الله عنه، رغم مراجعة عائشة. رضي الله عنها. النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وترشيحها الفاروق رضي الله عنه- للصلاة بالناس، ورد في الصحيحين من حديث عائشة- رضي الله عنها-: «لما مرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس فقيل له: إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس فأعاد فأعادوا له فأعاد الثالثة» .

كما ارتضاه النبي صلّى الله عليه وسلّم خليفة له بعد موته صلّى الله عليه وسلّم، ورد عند مسلم عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مرضه: ادعي لي أبا بكر أباك، وأخاك حتّى أكتب كتابا، فإنّي أخاف أن يتمنّى متمنّ ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلّا أبا بكر» «١» .

قال الإمام البيهقي- رحمه الله-: وقد حكى سفيان بن عيينة عن أهل العلم قبله أنه صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يكتب استخلاف أبي بكر- رضي الله عنه- ثم ترك ذلك اعتمادا على ما علمه من تقدير الله. تعالى. ذلك، كما همّ بالكتاب في أول مرضه حين قال: «وا رأساه» ثم ترك الكتاب وقال: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» ، ثم نبّه أمته على استخلاف أبي بكر بتقديمه إياه في الصلاة «٢» .

٢. شجاعته ورباطة جأشه رضي الله عنه، في موقف كان هو أولى الناس فيه بذهاب العقل وذهول القلب، ولكن من منة الله على هذه الأمة أن ثبت الصديق وقواه، وهو موقفه عند وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، إذ قام في الناس، يهدئهم ويذكرهم بكلام الله عز وجل، بعد أن


(١) أخرجه مسلم، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (٢٣٨٧) .
(٢) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (١١/ ٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>