للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثواب الصلاة الواحدة على النبي صلّى الله عليه وسلّم عشر صلوات من الله سبحانه وتعالى، فالثواب إذن عظيم، وكأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يريد أن يشعرنا بذلك فقابل في الحديث الواحدة بالعشرة.

ومن مظاهر تعظيم الثواب أيضا، أن الصلاة منك لا يقابلها صلوات من خلق- مثلك أو أعظم منك- بل يقابلها الصلاة من الله- عز وجل- فشتان بين الأمرين. وترتيب مثل هذا الثواب العظيم يدلنا على حب الله- سبحانه وتعالى- لهذه العبادة الجليلة، ألا وهي الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما أن في ترتيب هذا الثواب أبلغ الحث للمؤمنين على الإكثار منها، وترطيب اللسان بذكرها.

والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم من علامات حب المسلم لنبيه، قال الشيخ السعدي رحمه الله عند شرحه لقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً: (اقتداء بالله وملائكته وجزاء له على بعض حقوقه عليكم وتكميلا لإيمانكم وتعظيما له ومحبة وإكراما وزيادة في حسناتكم وتكفيرا من سيئاتكم) . انتهى «١» .

وتدبر أخي القارئ ماذا قال العلامة رحمه الله: (وجزاء له على بعض حقوقه) أي أن حقوقه صلّى الله عليه وسلّم علينا كثيرة جدّا، وهي أعظم من أن نقابلها بأي عمل، ولكن الصلاة عليه تأتي ردّا لبعض الجميل، كما أن من معاني ما قال، أن الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم، إنما هي عمل نحن في أشد وأمس الحاجة إليه؛ لأنه يزيد حسناتنا ويكفر سيئاتنا، ومن هذا يتبين سوء أدب من زهد في الصلاة والسلام على الحبيب صلّى الله عليه وسلّم، وأقول: إن الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم من سمة المؤمنين ومن أعظم مكملات الإيمان، ودليل ذلك أن الله- عز وجل- ما أمر بها إلا من تلبّس بهذه الصفة العظيمة، قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، وعلى من يريد أن يتأكد أن الإيمان قد باشر قلبه واستقر فيه، أن ينظر إلى حاله، هل يحب أن يكثر من الصلاة والسلام على النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويجد حلاوة في ذلك، أم يجد أن الأمر ثقيل عليه، وإذا كان هذا هو حاله، ونعوذ بالله من سوء الحال، فليبك على نفسه ويعالجها حتى يذهب ما بها.

[الفائدة الثالثة:]

آداب الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم:

اعلم أخي المسلم، أن الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم من العبادات العظيمة، التي أمرنا الله بها على الوجه الذي ذكرته، وما دامت عبادة، فيجب عند أدائها أن نستشعر كل آداب العبادة


(١) تيسير الكريم الرحمن (٦٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>