للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنبيهه، وقال بعض أهل العلم: يجب على الإمام أن يقضي من بيت المال دين الفقراء اقتداء بالنبي صلّى الله عليه وسلّم) «١» .

[الفائدة الثالثة:]

وهو مثال نأتي به من القرآن الكريم لنوضّح مفهوم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ونبين أن الله- سبحانه وتعالى- قد أكد هذا المفهوم وربى المؤمنين على ذلك، وهو قوله تعالى: ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ [التوبة: من الآية ١٢٠] ، وهذه الآية نزلت في حق من تخلف عن غزوة تبوك من أهل المدينة وقبائل العرب المجاورة لها، ومعنى الآية أنه ما كان ينبغي ولا يليق بالمتخلفين عن الغزو أن يقدموا أنفسهم عن نفس النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال الشيخ السعدي رحمه الله: (أي لا يحق ولا يليق بالمؤمنين أن يقدموا راحة أنفسهم وبقاءها وسكونها عن نفس النبي الكريمة الزكية، بل النبي صلّى الله عليه وسلّم أولى بالمؤمنين من أنفسهم؛ فعلى كل مسلم أن يفدي النبي صلّى الله عليه وسلّم بنفسه ويقدمه عليها، فعلامة تعظيم الرسول صلّى الله عليه وسلّم ومحبته والإيمان التام به أن لا يتخلفوا عنه) . انتهى «٢» . وقال القرطبي: (أي لا يحق لهم أن يرضوا لأنفسهم بالدّعة ورسول صلّى الله عليه وسلّم في المشقة) «٣» .

٢٩- تتابع الوحي عليه قبل موته صلّى الله عليه وسلّم:

عن ابن شهاب قال: أخبرني أنس بن مالك: (أنّ الله- عز وجل- تابع الوحي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل وفاته حتّى توفّي وأكثر ما كان الوحي يوم توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) .

[الشاهد في الحديث:]

قول أنس بن مالك رضي الله عنه: (حتى توفي، وأكثر ما كان الوحي يوم توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

بيان عظيم إكرام الله- سبحانه وتعالى- لنبيه واعتنائه به إلى يوم وفاته، ومن مظاهر هذا الإكرام كثرة نزول الوحي عليه قبل وفاته، حتى كان أكثر نزولا- بالنسبة لما سلف من جميع أيام حياته- يوم وفاته صلّى الله عليه وسلّم.

[الفائدة الثانية:]

إرادة تسلية الله- عز وجل- لنبيه قبل وفاته وذلك بكثرة نزول الوحي عليه، حتى لا يجد في قلبه ما يجده غيره يوم وفاته من قلة أهميته وهوانه وانقطاع حاجة


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٤/ ١٢٢) .
(٢) تيسير الكريم الرحمن (٣٥٥) .
(٣) الجامع لأحكام القرآن (٨/ ٢٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>