١- حرصه صلى الله عليه وسلم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو كان الملام أرفع قدرا من الملوم فيه، فأبو ذر الغفاري رضي الله عنه من الناحية الاجتماعية، على الأقل، أرفع قدرا من غلامه، ومع ذلك لامه النبي صلى الله عليه وسلم لوما شديدا، بأن أثبت له صفة من صفات الجاهلية، وهذا ليس بالأمر اليسير عند صحابي جليل مثل أبي ذر رضي الله عنه.
٢- رفقه وعدله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما رفقه فيتمثل في قوله صلى الله عليه وسلم:
«يا أبا ذر» ، فناداه بأحب الأسماء إليه، وهي كنيته، وأما عدله صلى الله عليه وسلم فيتمثل في:
أ- أنه ذكر لأبي ذر رضي الله عنه ما فعله قبل أن يوجه إليه العتاب، فقال له:«أعيرته بأمه» .
ب- لم يصف صلى الله عليه وسلم أبا ذر بالجاهلية المطلقة لوقوعه في أمر من أمور الجاهلية، ولكنه صلى الله عليه وسلم أثبت له فقط أن فيه جاهلية، أي خصلة من خصال الجاهلية، وهو التعيير بالأم. كما أنه صلى الله عليه وسلم لم يزد في نهيه عن المنكر على كلمات معدودات.
والرفق والعدل، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خصلتان حرم منهما كثير ممن يتصدّون لهذا العمل في وقتنا الحاضر.
٣- حرصه صلى الله عليه وسلم على تعليم الأمة وإرشادها، واستغلال كل مناسبة لبيان الحق في كل مسألة حيث حوّل القضية من قضية خاصة، إلى قضية عامة، فوجه الخطاب إلى الأمة بأسرها إلى قيام الساعة، فقال صلى الله عليه وسلم:«إخوانكم خولكم ... » إلى آخر الحديث.
٤- شفقته صلى الله عليه وسلم بالخدم، وهو أظهر وأعظم ما في الحديث، قال صلى الله عليه وسلم:«إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم؛ فإن كلفتموهم فأعينوهم» ، ومن مظاهر الشفقة في هذا التوجيه النبوي الرفيع:
أ- جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإخوان هم الخول، (أي الخدم) ، وكان من المفترض أن يقول:(خولكم إخوانكم) ، أي اتخذوا الخدم كالإخوان وأنزلوهم هذه المنزلة، ولكنه صلى الله عليه وسلم قلب الأمر، وقال:«إخوانكم خولكم» ؛ ليستقر في قلب المسلم أن الخادم هو في الحقيقة أخ له، لا أنه بمنزلة الأخ، لذلك قال صلى الله عليه وسلم:«فمن كان أخوه تحت يده» ، وهذه العبارة تؤكد المعنى الذي ذكرته. فالمسلم إذا تيقن أن الذي تحت يده هو أخوه على الحقيقة فكيف سيعامله.