للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- تفضيل مسجده صلى الله عليه وسلم:

حبا الله- سبحانه وتعالى- المسجد النبوي الشريف، على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، بخصال لم يشاركه فيها مسجد سوى المسجد الحرام كما سيأتي تفصيلا.

١- الترغيب في شد الرحال إليه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشدّ الرّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد:

المسجد الحرام، ومسجد الرّسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى» «١» .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

الحث على شد الرحال- أي السفر- إلى المساجد الثلاثة المذكورة وأن هذه المساجد هي مساجد مفضلة عن بقية مساجد الأرض، ولها من التعظيم ما ليس لغيرها، قال ابن حجر رحمه الله: (في هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ومزيّتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء ولأن الأول قبلة الناس وإليه حجهم، والثاني كان قبلة الأمم السالفة، والثالث أسّس على التقوى) . انتهى «٢» .

ويشير الحافظ ابن حجر بقوله: (أسس على التقوى) إلى ما ورد عند مسلم، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال: مرّ بي عبد الرّحمن بن أبي سعيد الخدريّ قال: قلت له: كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الّذي أسّس على التّقوى؟ قال: قال أبي: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه فقلت: يا رسول الله أيّ المسجدين الّذي أسّس على التّقوى؟ قال: فأخذ كفّا من حصباء فضرب به الأرض، ثمّ قال: «هو مسجدكم هذا» لمسجد المدينة «٣» .

[الفائدة الثانية:]

هل شد الرحال إلى غير هذه البقاع- من مسجد وغيره- محرم شرعا؟، فيه نزاع كبير بين العلماء ليس هذا موضع سرده، ولكن الأرجح من أقوال العلماء أن معنى الحديث: أنه لا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه إلا الثلاثة المذكورة، ويا بنى على ذلك أمران: الأول: جواز السفر إلى أي بقعة في الأرض لغرض التجارة وصلة الرحم، وطلب العلم وغير ذلك من المباحات أو المندوبات، الثاني: أنه لا يجوز السفر إلى أي مسجد من


(١) البخاري، كتاب: الجمعة، باب: فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (١١٨٩) ، ومسلم، كتاب: الحج، باب: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (١٣٩٧) .
(٢) فتح الباري (٣/ ٦٥) .
(٣) مسلم، كتاب: الحج، باب: بيان أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.. برقم (١٣٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>