مما يوضح هذا المعنى ويجليه ويبين أن ولاية الله هي واحدة من أعظم شمائل النبي صلّى الله عليه وسلّم التي ربما نغافل عنها، أقول: مما يوضح ذلك، ما ذكره الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية، ونصه:(أي الجميع أعوان للرسول مظاهرون ومن كان هؤلاء أعوانه فهو المنصور، وغيره- مما يناوئه- مخذول. وفي هذا أكبر فضيلة وشرف لسيد المرسلين حيث جعل البارئ نفسه الكريمة وخواص خلقه أعوانا لهذا الرسول الكريم) . انتهى.
[وفي الآية فوائد منها:]
[الفائدة الأولى:]
عظيم قدر النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث ذكرت الآية أن الله- عز وجل- وصفوة خلقه هم مولى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلم تقتصر الولاية على الله- عز وجل-، وإن كانت لتكفي ولو كان خصم النبي صلّى الله عليه وسلّم هم أهل السماوات والأرض، ولكن الولاية انسحبت لتشمل جبريل أعظم الملائكة قدرا وتشمل صالحي المؤمنين، ولم تقف الآية عند هذا الحد، بل جاء عموم الملائكة كلهم جميعا ناصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وأعتقد أن الهدف الأعظم من ذكر أحد مع الله- تبارك وتعالى- في ولاية النبي صلّى الله عليه وسلّم، هو بيان فضله على الأولين والآخرين.
[الفائدة الثانية:]
في الآية الكريمة تخويف شديد ووعيد أكيد لمن يصدر منه أدنى إيذاء للنبي صلّى الله عليه وسلّم، سواء في حياته أو بعد مماته، فإذا كانت الآية قد نزلت في حق زوجتين كريمتين طاهرتين، هما من أحب النساء إليه صلّى الله عليه وسلّم، في أمر قد يكون سهلا بسيطا جدّا لو حدث مع غير النبي صلّى الله عليه وسلّم، فما بالكم لو صدر الإيذاء ممن هو دونهما في الفضل والشرف، وفيما هو أشد وأعظم، فما بالكم لو صدر الإيذاء ممن جعل نفسه خصما للنبي صلّى الله عليه وسلّم أو محاجّا له أو مشاقّا لسنته، وإذا كان المولى- سبحانه وتعالى- لم يرض من نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا كمال الأدب ولم يتسامح معهن في أقل القليل، فهل يرضى الله منا ما يفعل من تقصير في حق النبي صلّى الله عليه وسلّم؟!.
أيها المسلمون: الأمر أعظم بكثير مما نتصور كيف نتجرأ على تجاوز الأدب مع نبي قد ضمن الله له النصرة والموالاة من نفسه الكريمة ثم من أهل السماوات والصالحين من أهل الأرض؟.
[الفائدة الثالثة:]
في الآية إثبات أن إيذاء النبي صلّى الله عليه وسلّم هو إيذاء لله وجبريل والملائكة وصالح المؤمنين، بل إن إيذاء النبي صلّى الله عليه وسلّم يسبب قطعا غضب الرب وملائكته لأنهم جميعا مولى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعليه فمن لا يتأذى ولا يغضب إذا انتهكت حرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم فنجزم قطعا أنه لا