للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفائدة الخامسة:]

ما كان عليه الصحابة من الأدب مع رسول الله، فهذه المرأة محرم للنبي صلى الله عليه وسلم، وينام عندها، فقد تتساهل في الكلام معه، خاصة وقت الانبساط، ولكن هذا لم يحدث من جهة الصحابة، رضي الله عنهم، لما يعلمون من عظيم حقه، وأنهم تأدبوا بتأديب الله إياهم، لما قال لهم في محكم التنزيل: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [النور: ٦٣] . ودليله من الحديث أن أم حرام قد نادت الرسول أربع مرات في هذه المحادثة القصيرة جدّا، وفي كل مرة تقول له: (يا رسول الله) ولم تناده ولو مرة واحدة خطأ (يا محمد) أو (يا ابن عبد الله) كما يحلو للبعض أن يسميه، وفي هذا الأخير مجافاة وسوء أدب مع مقام النبوة.

[الفائدة السادسة:]

أطلع الله عز وجل نبيّه على كثير من أمور الغيب، ومنها ما حدث بعد مماته؛ بعضها رآها وعلمها على وجه التفصيل لا الإجمال، كما سيأتي- إن شاء الله- في بابه.

[الفائدة السابعة:]

يشترط للغزو أن يكون في سبيل الله، حتى يرضى الله عز وجل عنه، ويرضاه نبيه صلى الله عليه وسلم حيث إنه علل ضحكه أنهم يغزون في سبيل الله، ولو لم تكن النية والاحتساب شرطا لصحة الأعمال وقبولها ما كان لذكرها في الحديث فائدة، وهذا مما يعلم من الدين بالضرورة.

[الفائدة الثامنة:]

بيان الأمانة التي كان عليها رواة الأحاديث النبوية، الذين بهم حفظ الله سنة نبيه، فقد شك فيه الراوي، هل قال النبي: ملوكا على الأسرة أو قال:

كالملوك على الأسرة؟ فلم يستح الراوي أن يقرّ أنه قد شك في اللفظ، ولم يدفعه حب ثناء الناس على حفظه، ألا ينص على الشك، حتى لا يكذب على نبيه، تخوفا أن يشمله وعيد الكذب عليه، لما (رواه البخاري) في صحيحه. عن عليّ قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا تكذبوا عليّ فإنّه من كذب عليّ فليلج النّار» «١» .

مع أن الاختلاف في هذا اللفظ الذي شك فيه الراوي يسير جدّا بالنسبة لعقولنا، ولكن دفع الرواة إلى ذلك حرصهم على حفظ سنة نبيهم، وعلى أداء الأمانة التي حملوها على أكمل وجه، فما بالنا بأقوام، يشار إليهم بالبنان، لا يتحرجون من الكذب الصريح على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتون بأحاديث أبعد ما تكون عن كلام النبوة بل عن كلام الصحابة، ولا


(١) رواه البخاري، كتاب: العلم، باب: إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (١٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>