للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- سبحانه وتعالى- على نعمته العظيمة التي امتن الله بها عليه، ودليله أن الآية ختمت بإثبات فضل الله العظيم على نبيه صلى الله عليه وسلّم بعد ذكر إنزال القران والحكمة وتعليمه من لدن الله سبحانه وتعالى- قال تعالى: وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

[النساء: ١١٣] .

٦- السنة شرط في قبول العمل:

اتفق العلماء على وجوب توفر شرطين في العمل حتى يكون مقبولا عند الله- تعالى-، الأول:

الإخلاص لله تعالى. والثاني: موافقته هدي النبي صلى الله عليه وسلّم وسنته. فعن عائشة- رضي الله عنها- قالت:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردّ» «١» .

[أقول:]

لو أننا تمسكنا بهذا الحديث، وعملنا به، لحفظنا للإسلام جماله، وللشرع بهاءه، وللسنة حلاوتها، ولو أننا تحاكمنا إليه إذا اختلفنا، لما وصل الحال بنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من التحزب والتفرق والتطاحن والتشرذم، كيف لا، والنبي صلى الله عليه وسلّم قد ترك لنا قاعدة عظيمة في بيان متى تصح العبادة ومتى تفسد، ومتى يقبلها الله عزّ وجلّ، ومتى يردها في وجه صاحبها، قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله-: (وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده، فإن معناه: من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه، وقال أيضا- رحمه الله- الرد هنا بمعنى المردود، ومعناه: فهو باطل غير معتد به، وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلّم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات) «٢» .

وكما قال- رحمه الله-: (فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة فإن كل شيء أحدث على غير مثال يسمى بدعة، سواء كان محمودا أو مذموما) ، كما نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله- عن الإمام الشافعي قوله: (المحدثات ضربان ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة) «٣» ، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أمثلة على ما أحدث من خير فذكر منها:

(تدوين الحديث وتفسير القران وتدوين المسائل الفقهية وتدوين ما يتعلق بأعمال القلوب) . انتهى.


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظر «فتح الباري» (٥/ ٣٠٢) .
(٣) انظر «فتح الباري» ص (١٣/ ٢٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>