د- خصه- سبحانه وتعالى- بأزكى الخلق وأتمها وأثنى عليه بها في كتابه العزيز، قال تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: ٤] .
وكل ما ذكرته، وغيره من أمثاله كثير، من تمام رفع ذكره صلى الله عليه وسلّم لأنه لو فرض أن أحدا آتاه الله كتابا خيرا من كتابه صلى الله عليه وسلّم، لقيل: إنه سبق النبي صلى الله عليه وسلّم بل علا عليه في هذا المجال، ولنقص رفع ذكر النبي صلى الله عليه وسلّم في هذا المضمار، ولو وجد في خلق النبي صلى الله عليه وسلّم أدنى نقيصة، لنقص ذكره الحسن وقدر الثناء عليه بقدر ما عنده من نقص في خلقه- حاشا الله- وهكذا كل ما ذكر، فاختصاصه صلى الله عليه وسلّم بالأتم والأكمل والأشرف من كل أمر؛ لتكتمل منظومة رفع ذكره، وليتم عقد الثناء عليه على أحسن ما يكون، فسبحان الذي يتفضل ويعطي بغير حساب.
[الفائدة الثالثة:]
فيما يترتب على ثبوت رفع ذكره صلى الله عليه وسلّم.
١- ثبوت أنه لم يأت منه صلى الله عليه وسلّم ما يخل بهذا الرفع أبدا، مثل التقصير في تبليغ دين الله، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو صدور أدنى ما يخدش الحياء، فتجزم قطعا أن كل ما صدر عنه صلى الله عليه وسلّم عبادة وعادة، ينسجم مع رفع ذكره.
٢- يقيننا الجازم بطهارة أعراض أزواجه- رضي الله عنهن جميعا- حال حياته وبعد مماته صلى الله عليه وسلّم لأن أعظم ما يخدش الثناء الحسن ويقلل من الذكر الطيب لأي إنسان هو الكلام على أعراضه، بأدنى أدنى سوء، فمن فعل ذلك أو اعتقده فقد كذّب بظاهر القرآن، ونخاف عليه من خاتمة السوء. وانظر كيف أنزل الله قرآنا محكما يتلى إلى يوم القيامة يبرئ أم المؤمنين عائشة. رضي الله عنها
٣- كل من أراد الطعن في الكتاب المنزل عليه صلى الله عليه وسلّم أو في شريعته المطهرة، أو في سنته الشريفة، فلن ينال منها، ولن يبوء بالخسران إلا هو؛ لأن الذي رفع ذكره صلى الله عليه وسلّم هو الله رب الأكوان والأبدان، فهو الذي سيحفظه ويحفظ كل ما يخصه، ماضيا وحاضرا ومستقبلا. قال تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر: من الآية ٤٣] .
٥- القسم بحياته صلى الله عليه وسلّم:
قال تعالى: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [الحجر: ٧٢] .
أولا: بعض كلام المفسرين في الآية الكريمة والتي تثبت أن المقصود من قوله تعالى: