اسمه، قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الأنفال: ٦٤] ، وتوجه إليه الخطاب بكاف المخاطبة قال تعالى: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى، كما توجه إليه الخطاب بضمير الفاعل المحذوف قال تعالى: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ، وكذا بضمير الغائب قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ، ولا يشك قارئ القرآن أن كل هذه الصيغ المقصود بها النبي صلى الله عليه وسلّم، ولم يحدث ذلك في القرآن إلا معه صلى الله عليه وسلّم وهذا فضل عظيم من الله- سبحانه وتعالى-.
٦- من أجلّ مظاهر رفع ذكره صلى الله عليه وسلّم أن الله- عزّ وجلّ- قد أبطل كل شبهات الكافرين وأكاذيبهم حوله صلى الله عليه وسلّم، فما من شبهة أثارها الكفار أو أكذوبة مثل الجنون والسحر وادعاء كتابة القرآن من عنده أو من غيره من البشر إلا أقام القرآن الحجج الدامغة على كذبها وفريتها، حتى لا تبقى أي حجة للكافرين يظن ظان أنها تشوب رفع الذكر، وقد بينت ذلك في باب (دفع شبهات وأكاذيب الكفار حوله صلى الله عليه وسلّم) .
٧- ومن مظاهر رفع ذكره صلى الله عليه وسلّم أن الله تعالى أمر بعدم التسوية بين دعائه ودعاء غيره، قال تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [النور: من الآية ٦٣] .
٨- من كمال رفع ذكره صلى الله عليه وسلّم بعض الأمور التي جمعتها في فقرة واحدة؛ لتشابهها وهي:
أ- جعل الله- سبحانه وتعالى- كتابه أحسن الكتب، قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ [الزمر: ٢٣] ، بل جعل كتابه صلى الله عليه وسلّم مهيمنا على بقية الكتب، قال تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ [المائدة: من الآية ٤٨] .
ب- أظهر الله- سبحانه وتعالى- له دينه، قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة: ٣٣] ، قال القرطبي:(أي: في جزيرة العرب) .
ج- أتم الله له أمر هذا الدين؛ لما رواه البخاري من حديث الخباب بن الأرت عن النبي صلى الله عليه وسلّم:«والله ليتمّنّ هذا الأمر حتّى يسير الرّاكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلّا الله أو الذّئب على غنمه، ولكنّكم تستعجلون»«١» ، وقال ابن حجر:(المراد بالأمر هو الإسلام) .