وينتهي بالأخذ بالأسباب المشروعة، وانظر إلى جمال الآية حيث بدأت الآية بقوله تعالى:
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وهي حيثية أن الأمر كله لله، واختتمت الآية بقوله تعالى:
وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. وهي حث وتطمين لكل من يتوكل عليه أن الله يرعى حاله ويسمع نداءه، وفيها أيضا تخويف وترغيب لمن أساء القول والعمل.
٣- كمال أدبه صلى الله عليه وسلم مع ربه ومولاه
، ويتبين ذلك من:
أ- طلب العون من الله- تبارك وتعالى
- لقوله صلى الله عليه وسلم:«اللهمّ إنّي أستخيرك بعلمك ... » ، مع ذكر أسباب طلب العون هي قدرة الله وعلمه الواسع مع افتقار العبد لتلك القدرة وذلك العلم، لقوله صلى الله عليه وسلم:«فإنّك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علّام الغيوب» ، ولا يخفى ما في ذلك من حسن الثناء على الله- تبارك وتعالى- بمقابلة قدرته وعلمه إلى عجزنا وجهلنا.
ب- الإقرار بأمور عظيمة وهي:
أن علم الله- تبارك وتعالى- قد وسع كل شيء، فهو يعلم عاقبة كل أمر على حدة، عاقبته إذا حدث، وعاقبته إذا لم يحدث، ويعلم العاقبة في الحالين من جميع النواحي في دين العبد ودنياه، وفي معاشه وآخرته، وهذه العاقبة، يعلمها- تبارك وتعالى- لكل عبد على حدة، وتختلف العاقبة للعبد الواحد، فالأمر الذي يسعده اليوم لو حدث، قد يشقيه غدا، ولولا إحاطة الله بكل ذلك، ولولا تغير عاقبة كل أمر لكل عبد على حدة، ما كان للاستخارة من فائدة قال صلى الله عليه وسلم «فإن كنت تعلم هذا الأمر خيرا لي في عاجل أمري وآجله ... » .
أن الله- تبارك وتعالى- هو الذي يقدّر كل شيء، وأن كل ما يحدث في هذا الكون فبتقديره وعلمه، قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ [القمر: ٤٩] ، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي معنا:«فاقدره لي» .
أن تيسير الأمر منه وحده- تبارك وتعالى-، وهو من النعم المكملة لتقدير الخير، لقوله صلى الله عليه وسلم:«فاقدره لي ويسره لي» .
أن البركة من الله- عز وجل- وهي تأتي بعد تقدير الخير وتيسيره، وهو من تمام نعمة الله على عبده، فقد يعدد الله وييسر سبل الرزق الواسع، ثم لا يكون في الرزق بركة، فيصرفه العبد فيما لا ينفعه في الدنيا والآخرة، فعلى العبد أن يهتم ويحرص على الدعاء بالبركة.